بقلم الصحفي معد فياض:
اتسمت فترة حكم إبراهيم الجعفري بالفوضى والتشتت، وهي فترة تشبه شخصيته تماماً، حيث غرق العراق بوابل من المشاكل الامنية والسياسية، اكثرها فجيعة الاقتتال الطائفي وغرق اكثر من 1500 من زوار الإمام الكاظم في نهر دجلة بعد سقوطهم من جسر الائمة، وفضيحة ملجأ الجادرية وتعذيب المختطفين بالدريل الكهربائي وغيرها.
كنت أول من كشف عن فضيحة تعذيب معتقلين في ملجأ الجادرية بطرق وحشية بواسطة استخدام الدريل الكهربائي، حدث ذلك عندما التقيت أحد المحظوظين المفرج عنهم من ملجأ الجادرية، كان ضابطاً شاباً سنياً من منطقة الأعظمية، التقيته في منزل فلاح النقيب، وزير الداخلية السابق، في عهد إياد علاوي، الذي كان قريباً من الملجأ المخصص للهجمات النووية، وتحدث لي عن قصص مرعبة عن تعذيب عراقيين تم اختطافهم لاسباب طائفية، مؤكداً ان المحققين كانوا من ضباط الحرس الثوري لأنهم لم يكونوا يجيدون التحدث بالعربية ويرافقهم مترجمون عراقيون عن الفارسية. بعد نشري تلك القصة في الصحيفة، انتشر خبر الملجأ. بعدها التقيت وزير الداخلية باقر جبر صولاغ، حيث قمنا بزيارته، أنا ومصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء الحالي، عندما كان يعمل في مؤسسة الذاكرة العراقية، وسألته خلال حوار صحفي معه عن ملجأ الجادرية، فنفى كل المعلومات عنه، وقال "هذا مجرد مركز أمني"، وعندما طلبت منه السماح لي بزيارة الملجأ، قال: "كيف أسمح لصحفي بزيارة مركز أمني حساس".
كانت فضيحة الملجأ قد انتشرت مما استدعى اهتمام القوات الأميركية والبريطانية، وشعرت الحكومة العراقية بالاحراج، حيث شكلت لجنة تحقيقية برئاسة روج نوري شاويس، نائب رئيس الوزراء وقت ذاك. بعد فترة قصيرة التقيت الجعفري، وكان ما يزال رئيساً للوزراء، وسألته عن فضيحة الملجأ، فقال: "لم أكن اعرف أي شيء عن هذا الملجأ واستغربت عندما قرأت ما كتبته (أنا) عنه، ولم أصدق، لكنني فوجئت ذات يوم بزيارة جنرالين من القوات الأميركية والبريطانية وحدثوني عن عمليات التعذيب في هذا الملجأ"، سألته: "ماذا شعرت وقتذاك. ألم تشعر بالاحراج من الضابطين الأميركي والبريطاني، وهما يحققان عن تعذيب العراقيين في ملجأ لا يقع بعيداً عنك؟"، قال "شكلنا لجنة تحقيقية".