شهادة أحد معتقلي الجادرية الذي كان يشرف عليه صـولاغ السفاح - معلومات وتفاصيل خطي خاص/الرابطة العراقية: أنا السجين رقم (.....) في معتقل الجادرية المشوؤم سئ الصيت ، كنت طالبا في الجامعة في المرحلة الثالثة وقد اعتقلت ظلما وبهتانا في ليلة سوداء من عام 2005 من منزلي. بعد الأحتلال الامريكي والقوات المتعددة الجنسيات للعراق وبعد سيطرة الميليشيات والاحزاب المتعددة الاوجه والانتمائات على العراق عامة وبغداد خاصة كنت أحد الشباب الذين تضرروا ماديا ومعنويا من تبعات الوضع الامني والتفرقة الطائفية والنزاعات العنصرية ولكوني لم أرغب بالانتماء لاحد هذه الاحزاب والميليشيات فقد بقيت بدون عمل وانظممت الى الطابور الطويل للعاطلين عن العمل والمتأملين لفرصة عمل للعيش بكرامة في هذا البلد... وِِِِِِِِِِِفي الساعة الواحدة صباحا من ليلة الاحد المشؤوم كنت متواجدا في داري فسمعت اصوات لرجال متجمعين امام منزل جاري الذي تربطني به علاقة حميمة، فأتصلت هاتفيا بهم لأطمئن فأجابتني زوجته وقد طلبت حضوري على الفور وبصوت مرتبك .... فهرعت مسرعا لمعرفة ماذا يحصل لهم وعندما خرجت من باب داري رأيت حوالي ثلاثين رجلا منتشرون في شارعنا يرتدون زي مغاوير الداخلية واخرين يلبسون الزي المدني ومسلحين بأنواع مختلفة من المسدسات والبنادق الالية الخفيفة والثقيلة وبصحبتهم ما يقارب عشرة سيارات أو أكثر من أنواع مختلفة (بيك اب ومصفحة) فحال خروجي من باب بيتي متوجها نحو دار جاري أوقفوني صارخين بوجهي وبصوت عالي عمن أكون، وعندها أجبتهم أني جاره قاموا بأمساك يدي وقادوني الى بيته كالأسير، فرأيت من خارج داره عددا منهم منتشرين في أرجاء المنزل ويقومون بنهِب وسرقة ما خف حمله وغلا ثمنه من أغراض ومقتنيات شخصية. صاح أحد المتواجدين داخل المنزل بصوت عالي سائلا عن هويتي فأجاب أحدهم (سيدي هذا هو ..........) فقال أجلبوه، بعدها أدخلوني ألى داخل داره حيث كان قسم منهم متجمع داخل مطبخ المنزل فسألني أحدهم عن محفظتي التي بحوزتي وعرفت بعد ذلك أنه النقيب (.... أحتفظ باسمه) وهو الذي سألني فسلمته (اياها فأعطاها للرجال الذين أقتادوني أليه فهبوا يفتشون وينهبون محتوياتها ورأيت عند ذلك زوجة جاري وهي في حالة إرتباك ورعب شديدين والدموع تنهمر من عينيها ولم ار جاري. وبعد سؤالي عنه أجابوني بالشتائم ولم أعرف ماذا حصل له الى أن عرفت بعدها أنهم اقتادوه الى أحد السيارات، حينها عرفت بأن الذين يرتدون الزي المدني هم ضباط بمختلف الرتب. ثم قال أحد الضباط وقد عرفت بعد ذلك انه مقدم (....) وكان يرتدي الزي المدني قال (أخذوه الى السيارة وأخذوا موبايله) أي يقصدني أنا فقلت له لماذا...؟ فأجابني (استفسار وترجع) فقلت له لماذا؟ فشتمني بكلام بذئ وقال قيدوه وأخذوه فقيدني أحد الذين يرتدون زي المغاوير وامسك يدي وأقتادني ألى سيارة مصفحة شبيهة بسيارات الاسعاف ولكنها أكبر منها حجما وقد أدخلوني من خلف السيارة كما في سيارات الاسعاف فتفاجئت برؤية جاري بداخلها مكبل الايدي ومعصوب العينين وتبدوا عليه علامات الضرب على وجهه ويديه، وبعد أن أصعدوني ألى السيارة أنهال علي أثنين من زبانيتهم بالضرب والشتائم ألى أن نزف أنفي من الدم وتورمت عيناي من ضربهم، فعصبوا عيناي أنا ايضا وكان بوكس السيارة عبارة عن فرن كهربائي يخرج من خلاله هواء حار جدا ونحن بداخله وذلك لكونها وسيلة تعذيب أخرى لأننا كنا في شهر تموز الحار جدا، فبعد أن أغلقت علينا باب السيارة أزداد علينا أنا وجاري لهيب الهواء الحار فأصبحنا في حالة يرثى لها.. حاولت ان اسأل جاري عن حاله فأجابني بصعوبه (الله كريم) أصبــر، كي يصبرني ويطمئنني ولكني قلت في داخل نفسي ماذا فعلوا بك يا جاري ي وماذا سيفعلون بي أنا أيضا؟؟ مع العلم انه سبق أن أعتقل جاري من قبل مسلحين ينتمون الى جماعة الملعون الجلبي ونهبوا بيته وسرقوا منه مبالغ من المال والذهب، ولكن كان ذلك قبل هذا التاريخ بفترة. المهم شارفت الساعة حوالي الثانية بعد منتصف الليل وعرفت في وقتها أنهم قد أتوا من الساعة الثانيه عشرا بعد منتصف الليل واستمروا ساعتين بالنهب والسلب والاهانات وانتهاك حريتنا بكل قسوة وبشاعة.. وعند جلوسنا بالسيارة سمعت بعضهم يقول فلتتحرك السيارات فتحركنا بالفعل وحال خروجنا من شارعنا وألتفاف السيارات من نهاية شارعنا استمرت السيارت مسرعة جدا الى ان دخلنا الى موقع لانني سمعت بابا قد فتحت امامنا ودخلنا من خلالها وتوقفنا وكنت في حالة يرثى لها وفكرت وقتها بأنهم سيقتلوننا بدم بارد وبدون ذنب، ولكونهم كانوا حاقدين جدا وانتهزوا فرصة منع التجوال الذي كان يبدأ بعد الساعة الحادية عشرة ليلا فظللت أنطق الشهادتين في داخلي لانه كل شي جائز وأحتمال أن نقتل فعندها فتحت علينا ابواب السيارة المصفحة وانزلونا وبقت عيوننا معصوبة. سمعت الرجال يتخذون وضع الاستعداد ويؤدون التحية لضابط كان رتبته كبيرة فقال هذا الضابط بصوت خشن (ها ..... جبتوه) ويقصد جاري، فسئل عني فقالوا له (سيدي أنه ........) فقال أدخلوهما الى الداخل فأقتادني رجلان سيرا على الاقدام وأيضا جاري بعد أن أشبعوه ضربا وأنا لاارى شيئا سوى ما اسمعه من الفاظ بذيئه وشتى انواع الشتائم وهم يتوعدوننا بالهلاك إذا لم اعترف وعلى ماذا اعترف لا ادري...؟ المهم ظللت أسيرهم أمشي وانزل على سلم ومن سلم الى اخر بدون معرفة وجهتي وكأنني سانزل الى طابق تحت الارض وكل هذا المسير والرجلان ينهالان علي بالضرب والاهانات الى ان وصلت غرفة وعلمت فيما بعد انها غرفة تحقيق او ما شابه ذلك حيث سمعت ان في هذه الغرفة ضباط . قال احد الضباط للرجلين اجلسوه، فعلمت في حينها انهم سيبدأون التحقيق معي انا أولا، فأجلسوني على الأرض في المكتب وما زلت لا أرى شيئ فقط أسمع فسألني أحدهم عن أسمي فأجبته وقال لي ما هي علاقتك بـ (........) أي جاري، فبدئوا بضربي بعصا غليضة تسمى (كيبل) وهي عبارة عن كيبل كهربائي وكانوا يركزون الضرب على كتفيي الاثنين ويسألوا ويشتموا بي ويضربوني بأرجلهم وأيديهم وأنا أعاني من شدة الالم وأجهش بالصراخ والبكاء بصوت عال ويقولوا لي هل كان جارك يجري أي أجتماعات في بيته وما هي علاقته بالنظام السابق وكل كلامهم وأسئلتهم باطلة وأن دلت على شيئ فأنما تدل على أناس حاقدين حقد دفين يحاولون النيل من أشراف الناس ليهبطوا عزيمتهم وأيمانهم بالعراق وبكل معاني الوطنية عند الناس الوطنيين المخلصين لهذا البلد، وكل هذا الكلام والاسئلة هي باطلة وتهمهم ملفقة علي وعلى جاري العزيز، ولم أر أنا أو أهلي أو أي جار له غير كل حب وأحترام وتقدير من كل الناس الذين عرفوه فظلوا يسألونني والضرب والتعذيب مستمر علي يسألون عن أشياء ما أنزل الله بها من سلطان الى أن يأسوا مني وعرفوا أني هلكت من شدة تعذيبهم لي أوقفوا تعذيبهم الذي أستمر أكثر من ربع ساعة ..؟ ثم سحبوني من ملابسي سحبا على الارض الى أن أوصلوني الى مكان يبعد بضعة أمتار عن غرفة التحقيق واستمر التعذيب طبعا يوميا ولمدة خمسة أيام متتالية مارسوا فيها معي أقسى انواع التعذيب الجسدي والنفسي، ولا تزال الى يومنا هذا آثار التعذيب الجسدي ظاهرة على معالم جسمي، حيث أني مصاب بكسر واضح في أنفي وأعاني من آلام شديدة من وقت لآخر في أعلى كتفي تمنعني من الحركة بسهولة، ناهيك عن الآثار النفسية التي أعاني منها حتى الآن ومن المؤكد أني سأعانيها طوال عمري حيث ليس من السهل نسيان هذا الامتهان لكرامتي..؟ وبعدها بدؤوا التحقيق مع جاري، وبدأ بالصراخ من شدة تعذيبهم له هو أيضا، وهو رجل في الخمسينيات من عمره وقد لا يتحمل أي تعذيب ولكنهم لم يحترموا أي سن كبير أو آلام المظلومين وشدة أوجاعهم، وبعد فترة من الوقت وعندما كان جسمي ورأسي وأكتافي تؤلمني ويداي مكبلة بقطعة من قماش قوي وعيناي معصوبة، ارتميت على الأرض مغمى علي إلى أن صحيت على صراخ أحد المتهمين وقد سمعت انهم جلبوا ثلاثة متهمين، وبدأوا بتعذيبهم، وكل هذه المدة التي بقيت ممددا على الارض لايوجد سواي أنا وحدي فقط في اليوم الاول ولا أسمع سوى أصوات المنتسبين لهذا المكان الملعون، مع العلم أن هذا الموقع شديد البرودة وذلك لانه يحتوي على تبريد مركزي قوي مما جعل المكان وكانه في عز الشتاء حيث برودته شديده ولا أعرف أنا أين ولا أعرف مصيري ولا مصير جاري وأين أخذوه وماذا حل به، لانهم عزلونا عن بعضنا .. وفي لحظة خاطفة حاولت ان انظر فرأيت نفسي ممدا في ممر طويل مصبوغ كله باللون الابيض وعلى يساري ويميني رأيت أبوابا مغلقة لمحاجر متعددة فلاحظني أحد الضباط لحظة محاولتي تلك أثناء مروره من بعيد وهو يرتدي الزي المدني وهو مربوع الجسم وطويل القامة وشعره أسود وعمره في نهاية الثلاثينات فصرخ علي بالشتم والتهديد محذرا أياي بعدم تكرار المحاولة، لكني كررت هذه المحاولة مرتين بعد عدة أيام.. وبعد ساعات سمعت اقدام تمشي بالممر وتتجه نحوي فقال احدهم للآخر احمله وادخله في المحجر وعلمت بان الذي وجه هذا الامر هو ضابط ورتبته رائد وأسمه (..م...)، فأجابه الآخر حاضر سيدي، فأدخلني إلى المحجر وبعد دخولي غلق الرجل الباب وتركني في المحجر، ففتحت قطعة القماش المربوطة بيدي والمشدودة على عيني في داخل المحجر وهوعبارة عن غرفة طولها متر ونصف وعرضها متر ونصف وارتفاعها متران فقط وفي ركن الغرفة (المحجر) من سقفها محولة كهربائية معلقة من سقف الغرفة ألى نصف الغرفة تقريبا مبطنة بورق كارتوني عازل وشاغل ربع الغرفة، ولا يوجد من أسفله سوى متر واحد يعيق من هو داخل المحجر، وأذكر بأني وضعت علبتي الخاصة من السجائر في داخل المحولة وفي مكان سري حتى لا يراها عندي أحد من المنتسبين وأعاقب عليها، وعلبة سجائري هي حمراء اللون من نوع فرنسي وأسمه كلواز ولا زلت أدخن منه لحد يومنا هذا، وكانت تحتوي على تسعة سجائر ولم استطع تدخينها لانه لم توجد عندي مقدحة.. أما في داخل المحجر فقد التقيت برجلين أحدهما كبير في السن وعمره فوق الستين سنة، والآخر شاب عمره تقريبا ثلاثة وعشرين سنة، وعند تحدثي أليهم عرفت أن الولد الشاب وأسمه (....ع ...) عندما يبول يخرج مع بوله دم وتبدو عليه اثار تعذيب قاسية جدا، وانه من أهل الموصل وقد تم القاء القبض عليه في مدينة كربلاء، حيث كان يعمل في مطعم وحصل انفجار في السوق الذي يعمل به هذا الشاب، ولكونه من اهل الموصل القي القبض عليه وهو موقوف منذ شهرين ونصف حسب كلامه معي، وقد الصقوا به تهمة ذبح ستة اشخاص من مدينة كربلاء وطبعا الضلوع بالانفجار!! كانت حالته يرثى لها وهو نحيل الجسم جدا وخائر القوى أيضا، وكل فترة يتناول حبوب دواء يوفرها له المعتقل، مع العلم انه أكد لي بأنه يشتغل في كربلاء منذ مدة طويلة وكثير من الناس الذين يعرفونه يشهدون له بالصدق وحسن الأخلاق والاحترام.. أما الرجل المسن فقد كان يشغل منصبا جيدا (أحتفظ باسمه ورتبته) وهو ايضا كان في المحجر معنا ويسكن في بغداد، وقد القي القبض عليه في الساعة الثانية فجرا في احد الايام ولا يعرف ما هي جريمته التي من أجلها اعتقل، وماذا فعل لكي يهان بهذه الدرجة القاسية، وهو موقوف منذ شهر.. والاثنان اكدا لي انهم ابرياء من هذه التهم الباطلة وانهم قد القي عليهم القبض من نفس الجهة وكل على حدة والجهة هي (لواء الذئب) وهو احد الاجنحة العسكرية (لفيلق بدر) الجناح العسكري للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق، وضباطه ومنتسبيه والموقع الذي كنا محتجزين به هو تابع (لقوات بدر)! ومن سخرية الأقدار والمحزن أيضا أنني كنت دائما أسمع أصوات لبعض الضباط والمنتسبين بين فترة وأخرى وهم يتحدثون فيما بينهم باللغة الفارسية البحتة! المهم في المحجر عندما يريد احدنا ان يتبول يوجد في المحجر قنينة ماء فارغة نتبول بها، وذلك كما عرفت انهم يتجنبون الذهاب الى المرافق الصحية ليتجنبوا الضرب والاهانات والصفع بالايدي والركل بالارجل من لحظة خروجه من المحجر لحين وصوله الى المرافق، وعند سماعي لهذا الكلام من قبل الرجلين تجنبت الذهاب للمرافق انا ايضا خوفا وحذرا من مشقة الطريق! وحال تحدثي وتكلمي مع الرجلين اتى رجلان احدهما ضابط من خلف باب المحجر فقالوا لنا أعصبوا أعينكم كي لايراهم احد منا، فعرفت انه كلما يأتي ضابط أو منتسب من خلف الباب وجب على كل موقوف أن يعصب عيناه الاثنتين... المهم فتحت علينا الباب فكلمنا احدهم من خارج الباب قائلا تناولوا فطوركم، والفطور حدث ولا حرج مجرد صمونة صغيرة في داخلها قطعة جبن صغيرة، أما الشاي فممنوع طبعا والماء الذي نشربه حار أيضا بينما البرد قارس جدا من شدة التبريد المركزي، ونحن في داخل المحجر لا نتحرك ولا توجد عندنا بطانيات كي ندفئ أنفسنا، ونكثر من التبول في قناني الماء الفارغة.. المهم أستمر اليوم بعد مغادرتهم وغلق باب المحجر ولا نستطيع مد أرجلنا لان المكان لا يتسع لنا ولا نستطيع النوم لانه لا يكفي لراحة واحد منا فكيف ونحن ثلاثة، وفي فترة الغداء أيضا صمونة يتوسطها بقايا من الرز الابيض ومرات يكون لون الرز أحمر في داخل الصمونة وهو ما يفضل من بقايا اكل منتسبين بدلا من رميه في النفايات، وهذا الأكل لا يشبع حيوانا صغيرا فكيف بنا؟ لماذا هذا العذاب يارب؟ هل هو أمتحان لنا؟ أو لغسل ذنوبنا؟ أم مصيرنا الهلاك لا محالة؟ ولا من قاضي نعرض عليه أو أحد يساعدنا ويطمئننا على نهاية هذا التعذيب الجسدي والنفسي القاسيين . أمضيت بهذا المحجر يومان وأنا أسئل نفسي لماذا رميت مع هذين الرجلين هل مصيري سيكون مثلهما؟ هل أنا مدان بشئ لا أعرفه؟ الله أعلم . وحال انتهاء اليومان أتى رجلان من خلف الباب ومن وراء الباب ونادياني، فشددت وثاق يدي وعصبت عيني كي لا أعاقب عقابا صارما، فأخذاني أمشي معهم من خلال ممر طويل الا أن وصلت الى غرفة فكان هناك من ينتظرني في الغرفة أي (غرفة التحقيق والتعذيب) من مجموعة رجال وكل يسألني على شئ مثلا ماهي أنتمائاتك السياسية؟ من أي مذهب أنت؟ ومالذي أتى بك أليه؟ ولماذا تعمل مع جارك؟ وكم دامت علاقتك به؟ ومن يأتي أليه؟ وأين يذهب هو؟ وبمن يتصل هو؟ وكيف هي علاقته بفلان وفلان؟... ألخ من الاسئلة المملة والسخيفة والتي كانت أجابتي عنها هي لا أدري ولا أعلم عماذا تتكلمون فبدئوا بضربي وأهانتي وتهديدي وذلوني أبشع أذلال وكل ما أستطعت بأجابتي لهم هو أن حياة جاري الخاصة لاأعرف عنها شئ فمن الطبيعي كل أنسان يتمتع بخصوصية ومن غير الطبيعي أن يتدخل أحد بها من قريب أو بعيد سواء كان أخ أو من الاقرباء، ناهيك أذا كان جار.. وكل كلمة أنطق بها يبدأون ويستمرون بالضرب بالعصا والايدي ومرات بالارجل والشتائم. وحتى وصلت الحالة بهم بسؤالهم لي (هل أنت خائف منه فأذا خائف منه سوف نحميك نحن) وكانوا على استعداد لتلفيق التهم للرجل وأكون أنا شاهد أدانة عليه!! أي سأوصل الرجل الى حبل المشنقة وهو أشرف منهم ومن اسيادهم، ولم أر من هذا الرجل في حياتي أشرف ولا أنبل منه لحد الان وفي هذا الموقف الحقير الذي انا به مستعد أن أقتل على أن أورط أنسان أي أنسان مهما كان حتى لو عدوي وألقي به بالتهلكة، لانه الفتنة أشد من القتل وسأحشر في نار جهنم وبئس المصير، ولكني لا أفعل هذا من سابع المستحيلات لان كثير من الاشياء تمنعني من فعل ذلك الذنب العظيم وهو ديني وتربيتي وأخلاقي ومخافتي من الله الواحد الاحد على أن أكون السبب في ظلم أنسان برئ. أما بالنسبة لجاري فقد انقطعت أخباره عني منذ اليوم الاول وبعدها أمر أحد الضباط بأخراجي من غرفة التحقيق وعرفت وقتها أن رتبته مقدم ويدعى (.... ن ...)عرفت بأنه ضابط من خلال سماعي لمناداته من قبل الاخرين (طبعا أسمائهم قد تكون وهمية)! وبعد خروجي وطبعا لازلت مكبل الايدي ومعصوب العينين لم أرجع الى المحجر الذي يتواجد به الرجلان بل أخذت الى غرفة أخرى وقبل أن يفتح الرجل الذي أقتادني للغرفة الباب صرخ من خلف الباب على الموقوفين داخل الغرفة بأن يعصبوا أعينهم فكانت الغرفة كبيرة جدا تقريبا طولها ستة أمتار وعرضها خمسة أمتار وأرتفاعها حوالي أربعة أمتار، وكل هذه التقديرات هي شخصية من قبلي وهي شديدة البرودة جدا مع العلم بأن كل فتحات التهوية قد أغلقت من قبل الموقوفين ولكنها ظلت تتسرب منها البرودة الشديدة داخل المواقف والمحاجر.. المهم بعد فتحي لوثاق يدي ورفع العصابة من عيني وقد غلق الباب الذي دخلت من خلاله الغرفة وجدت ثلاثة رجال في هذه الغرفة وقد نزعوا العصابات من أعينهم أيضا كي لا يروا منتسبين الموقع الا أن تغلق الباب وينصرف المنتسبين... تحدثت مع الموقوفين وهم ثلاثة، وبعد تعرفي أليهم كان أثنان منهم شرطة متهمين بالرشوة أما الآخر فقصتة عجيبة كل العجب وأسمه (...ع...) وهو بنفس عمري وهو صاحب شركة وكان يقيم في فندق في بغداد هو وعائلته خوفا من الاختطاف من قبل العصابات والميليشيات، أما بالنسبة لتهمته فهي أنه في أحد الايام سقطت قذيفة هاون أنطلقت من مكان مجهول وسقطت أمام الفندق الذي يقيم به هذا الرجل صاحب الشركة، فقامت دوريات من مفارز مغاوير الداخلية بالدخول الى الفندق وطالبوا استعلامات الفندق بقائمة النزلاء ومن ضمنهم هذا الرجل، ثم أتجهوا للجناح الخاص المقيم به وقد كان بصحبته أبن عمه وهو المحاسب المسؤول عن الشركه، وكان أيضا معه أثنان من حمايته وسائق الرجل، فقامت مفرزة مغاوير الداخلية بألقاء القبض عليهم جميعا وأخذوا كل محتوياتهم الشخصية من أموال وموبايلات وحتى الملابس لم تسلم من أيديهم.. عموما قال لي استولت مفرزة الداخلية على ملايين من الدنانير العراقية إضافة الى مفاتيح الشركة ومستندات الشركة والسيارة الخاصة به، والتهمة كانت طبعا أشتباه به لكون الهاون الذي سقط أمام الفندق وأنفجاره أودى بقتل بضعة أشخاص.. سألته كم كانت مدة موقوفيتك فقال لي وهو شديد الحزن أنا هنا منذ أكثر من شهر أما الذين ألقي القبض عليهم معي خرجوا بعد أسبوع أما أبن عمي المحاسب للشركة فقد أخرجوه بعد ثلاثة أسابيع أما أنا فلازلت موقوف بدون تهمة لحد الان، وقال لي هم على أستعداد أن يخرجوني من السجن لقاء فدية أفدي بها نفسي وهي طبعا فدية مالية فقال لي سأخرج أنشاء الله عن قريب لانهم لديهم المبلغ الذي أخذوه معهم وأنا على أستعداد أن أعطيهم أضعاف هذين المبلغين كي أخرج من هنا حتى السيارة أعطيها لهم فداءا لحريتي، وبعد أن أخرج أغادر العراق ولا عراق بعد اليوم.. فسألته عن وجهته أذا سافر فأجابني سأذهب الى دولة (..........) لاني أملك بها أقامة دائمية فسألته ماذا فعلوا بك من تعذيب فقال عذوبني شر تعذيب بالكهرباء و (الفلقة) أي رفعوه من رجله الى الاعلى ورأسه الى الاسفل وقاموا بضربه ضربا مبرحا بكل أنواع التعذيب لأيام متتالية ولم يثبتوا عليه أي تهمة من تلفيق مغاوير الداخلية...! كان الرجال الثلاثة بمشاهدتي لهم كثيفي اللحى والشعر لطول مدة موقوفيتهم فكل شئ ممنوع كحلق الرأس واللحى لانه غير متوفر أي أداة من أدوات الحلاقة في هذا السجن والذي في تلك اللحظة لم أعرف أنه معتقل الجادرية سئ الصيت..! حتى الموقوفين سألوني نحن أين ؟ فأجيبهم لا أدري . ومن حسن حظي كان معلق على حائط الغرفة سبورة كأنها شبيهة بلوحة الاعلانات ملصق عليها أوراق مكتوب فيها أسماء ضباط المعتقل وارقام هواتف المعتقل فعرفت أننا في معتقل الجادرية لان الارقام هي أرقام هواتف أرضية وتبدأ مفاتيحها( 778 و 776 ) وبعد فترة دخل علينا أحد المنتسبين حاملا لنا الغداء فلاحظ وجود الاوراق الملصقة فقام بتمزيقها وأخذها معه كي لا يقرأها أحد منا ! المهم أستمريت مع هؤلاء الموقوفين الثلاثة لبضعة أيام إلا أنه في أحد الايام أتوا رجال من خلف الباب فصرخوا علينا أن نعصب أعيننا ففعلنا بدون تردد فعرفت من خلال حديثهم معنا أنهم ثلاثة، الاول ضابط برتبة رائد وهو رائد (....م...) والثاني ضابط أيضا وهو نقيب يدعى (...ق...) والثالث منتسب وليس ضابط وكان الحديث مع صاحب الشركة الذي يدعى (..ع...) من قبل الضباط كان سلسا وهادئا وبه نوع من المزاح، فتفاجئت انا من أسلوب الضباط مع صاحب الشركة ولكني قلت في نفسي أكيد هم يتلاطفون مع صاحب الشركة ليس لسواد عيونه بل لماله وما يملك! وفي هذه الاثناء وأنا معصوب العين ومكبل اليدين بقطع قماش دخل علينا ضابط برتبة مقدم عرفت وقتها بأنه المقدم (.. ن ..) هو في البداية كان كلامة عاديا لكن أحسست بعد لحظات أنه فجأة ثار ثورة بركان وأتجه نحوي وركلني برجله على فكي الايسر بقوة وصرخ قائلا لي من الذي أتى بك الى هنا يا أبن (..........) ألخ من الشتائم والضرب والاهانات ومن شدة ضربته الغادرة لي وأنا لا حول لي ولا قوة كسرت أحدى الرحى من أسناني على الفور وظللت أنزف دما وتورم خدي الايسر من شدة ضربته، فظللت أسئل نفسي لماذا هجم علي فجأة فجرجرني من رقبتي الى خارج الغرفة وظل ينادي بالمنتسبين ويتهددهم ويقول من الذي أدخل هذا الى هذه الغرفة.. ثم أستلمني غيره وأجلسني في مكان آخر بعيد عن الغرفة فظل التورم في فكي قائما، ثم زال الالم بعد أيام وظللت في هذا المكان نفس الاكل القليل وأيضا نفس العاملة القاسية وكلما أطلب منهم الذهاب الى المرافق يستمر الضرب والاهانات علي وعلى غيري من الموقوفين الذين لا أراهم أبدا لان المكان الذي أستقريت به كنت فيه وحدي ولا يوجد أي موقوف غيري، فقط المنتسبين يأتون ويذهبون. كنت على يقين بأن هناك العديد من الموقوفين في ذاك المكان، فأنتهزت لحظة الهدوء والسكون فرفعت عصابة عيني وأذا بي أجد نفسي في باحة كبيرة بعض الشئ وأمامي غرفة لاشخاص يرتدون زي مغاوير الداخلية وبجوارها غرفة صغيرة ويجلس فيها شخص على (بدالة) يجاوب على خطوط الهاتف، وهذه الغرفة هي التي كانت الفيصل المهم بتواجدي في هذا المعتقل الحقير والذي عرفت وقتها أنه معتقل الجادرية الدموي الرهيب، مع العلم أن المكان الذي أنا فيه كان مصبوغا باللون الاصفر وباب البدالة كان مغلقا بعض الشئ وبجوار باب البدالة غرفة للمغاوير الذين يرتدون بزات عسكرية ويوجد عندهم تلفزيون، حتى في أحدى المرات أستطعت أن أسمع حوارات كانت تجري في البدالة وفي غرفة المغاوير وسمعت في احد نشرات الاخبار من خلال التلفزيون في غرفتهم نعي وكالات الانباء (وفاة ملك السعودية فهد بن عبد العزيز) وفي أحد المرات كان جالسا في غرفة البدالة أحد المنتسبين وأتاه نداء يسأل عن مدير المعتقل والذي كانت رتبته عميد وأتصور كان أسمه (ع ..ع ...) ومن خلال تحدث المنتسب مع ضابط كبير من الداخلية قال المنتسب بالحرف الواحد (نعم سيدي هنا مكتب السيد وزير الداخلية في الجادرية وسأحول لك السيد المدير)....! أما في بقية المكان الذي أنا فيه ومن خلال إستراقي للنظر يوجد على يميني باب يؤدي الى ممر ومن خلاله غرف الضباط، وعلى يساري بابين عرفت وقتها أن أحدهما لغرفة بها الكثير من الموقوفين وأنهم موقوفين على ذمة قضاياهم أما الاخر فحسب مايدعون أنها (للإرهابيين) ويوجد بها الكثير من الموقوفين أيضا.. وفي أحد الايام وأنا جالس وحدي معصوب الاعين ومكبل الايدي سمعت بحركة غريبة وكأنها قدوم مسؤول الى الموقع أو لا أدري ماذا كان لكنه شئ غريب قد حصل، فأدخلني أحدهم الى الغرفة المسماة (للأرهابيين) وعند أغلق الباب وحال رفعي لعصابة عيني وحل وثاقي الذي كان سهل الحل والشد رأيت منظرا مخيفا بل مرعبا لثلاثين شخص تقريبا والغرفة تكاد تكون ضيقة عليهم بمختلف الاعمار، وهم عبارة عن أشباح وليسوا رجالا، وحالتهم يرثى لها فبعضهم أرجلهم مكسرة من التعذيب وبعضهم لا تبان أعينهم من شدة الدمار الحاصل لأوجههم وبعضهم ينظرون لي كأنهم ليسوا بسجن بل بمستشفى للأمراض النفسية وقد تعرضوا بكل بشاعة الى تعذيب بشتى أنواعة المريرة، ووجدت في بداية الغرفة أي من لحظة دخولي لها عشرات القناني المملوئة بالبول وعرفت بعدها أن أحد الموقوفين عندما يريد الذهاب الى المرافق يأخذوه رفعا بالبطانية ويرجعوه بها.. ولكني لم أبقى في هذه الغرفة المرعبة سوى بضعة دقائق.. وفي أحد الايام سمعت من بعيد صوت جاري وهو يتكلم مع أحدهم طالبآ منهم القليل من الماء حيث يعطوننا أياه بالقطارة ، ووقتها أرتحت قليلا لاني سمعت صوت جاري العزيز لأنني كنت خائف من أن يقتلوه، وفي الليل أتى أحد الضباط وفتح باب الموقوفين على ذمة قضاياهم وطبعا كلهم معصوبي الاعين وطلب أن يجلس على كرسي فأحضروا له الكرسي فجلس وظل ينادي بأسماء الموقوفين وأرقامهم وأنا كنت جالس بالقرب من الغرفتين حيث كانتا على يساري وأنا أسمع الضابط ينادي بأسمائهم ويطلب منهم أن يخبروه بالاسم الرباعي واللقب أو العشيرة وعناوينهم، وكل الذين كانوا في هذه الغرفة بالذات هم من بغداد وأقضيتها ونواحيها وأغلبهم كانوا من مدينة الدورة والشعلة، أما البقية فكانوا من اليوسفية والسيدية والحرية وغيرها، وهي مناطق متفرقة من بغداد، ثم نهض من على الكرسي وأنتقل الى الغرفة المجاورة وهي الغرفة المسماة (غرفة الإرهابيين) وأستمر بتدوين أسمائهم وأنا أسمع ما يقول وما يسمع من أجوبتهم. وبعد ذلك بيوم واحد أتى أحد الضباط وطلب ادخالي الى غرفة الموقوفين على ذمة قضاياهم، فعندما دخلت وغلقت الباب فتحت عيناي فرأيت الموقوفين وهم يفتحوا أعينهم أيضا ونظروا ألي ونظرت لهم ورأيت مختلف الاعمار، وكان منهم شخصيات بارزة من كبار بالسن. وفي الايام المتتالية في هذه الغرفة التي جمعتنا سوية حيث كان عددنا أثنين وثلاثين رجلا وشابا ومن كبار السن رجلان كانا ضابطين كبيرين بالجيش السابق، ومن ضمن هذا السجن شخصية بارزة جدا جدا وهو دكتور جراح مشهور ، وهو طبيب عبقري بالطب ومشهور أيضا، وقد قبضت عليه مفارز (قوات بدر) كونه أبن شخص معروف، لكن في الحقيقة كان هذا الطبيب رجل علم فقط وليس رجل سياسة ولم يكن له دخل بالسياسه حيث كانت شهرته واسعة جدا على مختلف مجالات الطب، وكان مهتم بعلمه فقط وليس بأي شيء آخر.. وبعد تعرفي على هذا الطبيب وعلى الآخرين عرفت من خلال الموقوفين بانهم قد تعرضوا لابشع أنواع التعذيب وكلهم أبرياء ولا حاجة لبقائهم في المعتقل، وبعضهم سألني اين نحن أين فأجبتهم لا أعرف لاني كنت خائف جدا من أن أجيبهم بمكاننا وخفت أن يكون من ضمن الموقوفين مخبر لدى مغاوير الداخلية فيخبرهم ويكون مصيري الهلاك طبعا..!! وبعد فترة من الوقت سمعنا دقدقة قوية على الباب يخبرونا أن نضع العصابات على أعيننا مع العلم أستمر هذا التعذيب النفسي علينا في اليوم الواحد أكثر من عشرة مرات يجبروننا أن نعمي أبصارنا عنهم كي لا نراهم ونسمع صراخهم وشتائمهم علينا من خلف الباب، ثم يدخلون علينا ويأخذون أحدنا لغرض التحقيق.. وفي أحد الايام دخل علينا أحد الضباط وسألنا من منا من منطقة ما فأجابه أحد الموقوفين معنا أنا، فأراد منه أن يتعرف على أحد (الإرهابيين)! كما يطلقون هذا المصطلح كما يحلو لهم وهل هو من منطقة هذا الشخص فعلا أم لا.. وقد عرفنا بهذا الكلام بعد أن رجع ألينا الموقوف وسألناه ماذا رأيت ؟ فقال أنه لم يتعرف على من يدعونه ولكنه عقب على كلامه قائلا أنه قد رأى مدير المعتقل (.... ع ..ع ...) لان هذا المدير طلب من الموقوف أن يفتح عيناه كي يتعرف على الذي يدعونه ارهابيا (ساء ما يدعون) فسئلنا صاحبنا الموقوف عن شكل المدير وهيئته فوصف لنا لون بشرته وشاربه وهيئته ورتبته في الشرطة، لأن رتب ضباط الشرطة باللون الابيض أما رتب ضباط الجيش باللون الاصفر. وبعد فترة من الزمن سمعنا ضجة من خلف الباب وقلنا في داخل أنفسنا (الله يستر) فدخلوا علينا وأذا بهم يأخذون كبار السن ونقلوهم الى غرفة أخرى وأبقوا الشباب منا حتى بقى منا القليل لان أغلبنا هم من كبار السن أما نحن الشباب فظل منا فقط ثلاث عشر، فأمرونا بعد أن عصبنا أعيننا أن نشد وثاق أيدينا وأن ننظر الى الحائط ونعطي ظهورنا للباب وأذا برجال يدخلون علينا ونحن نسمع ما يقولون، فكانوا من الجيش الامريكي وكان أحدهم جنرال، وعرفت وقتها من خلال الكلام الموجه أليه لاني أعرف التكلم باللغة الانكليزية بعض الشيء، وأيضا من خلال المترجم الذي ترجم كلام الجنرال الامريكي، حيث سأل عن عددنا وعن سبب موقوفيتنا فأعتقدت وقتها من قدوم الجنرال في البداية أنه أتى ليفتش عن الموقع وبعدها عرفت أنه أتى ليعرف أعداد الموقوفين وعن أرزاقهم كي يصرف لنا أرزاقنا، ولكنه لم يتعب نفسه أن يسأل الموقوفين أي سؤال مهما كان.. ولكني سألت نفسي وقتها لماذا أخذوا كبار السن من عندنا مع العلم بعد أنصراف الجنرال الامريكي من الغرفة المحجوزين بها بحوالي ربع ساعة رجع ألينا الرجال الكبار بالسن ألى غرفتنا؟؟ فسألنا الرجال الكبار بالسن أين أخذوكم فقالوا ألى الغرفة المجاورة أي (غرفة الإرهابيين) فقلت في نفسي لعلهم أخذوهم للغرفة المجاورة لـ(تكثير) عدد (الأرهابيين) كي ينال سجاني المعتقل الاوغاد المجوس العملاء رضا أسيادهم المحتلين.. وبعد يومين طرقت علينا الباب ونودي علي، فأرتعبت رعبا شديدا لانني ظننت أنهم سيحققوا معي مرة أخرى بالطبع، فعصبت عيني وشددت وثاقي وخرجت أمشي مع الذي يقودني ولا أعرف أين، فأستوقفني ضابط فقال لي بالحرف الواحد (فلان ..... ماذا يوجد لديك من أغراض عندنا) فقلت له فقط الموبايل حيث كان عندي مبلغ من المال في سروالي الذي أرتديه، فأتى لي به وقال لي الضابط سوف نأخذك الى المدير، فأخذوني الى غرفة للضباط أولا وبدأوا يتكلمون معي بعض الكلام السخيف حتى أخذوني الى غرفة المدير، فشتمني وقال لي (ولك أذا ألتقيت بجارك من قريب أو من بعيد سأجلبك الى هنا بخمس دقائق وأكفر بك وأعذبك أضعاف من هذا العذاب وسنظل نراقبك ونراقب أهلك أسابيع طويلة الى أن نتأكد بأنكم لا تتصلون بأحد.. مفهوم؟ ) فأجبته بالقبول طبعا.. فأصدر أوامره للمنتسبين مراوغا بالكلام بأن الموقع الذي نحن فيه ليس في منطقة الجادرية بل في منطقة الكاظمية في أقصى شمال بغداد، ولكنني عرفت أن المدير يراوغني بالكلام كي لا أعرف أنا أين، وقال للمنتسبين أوصلوه ألى أقرب مكان قريب من بيته. بعدها أخذوني الى خارج الموقع فبدأت أرتعب فتشهدت بالشهادتين لانهم حال أخراجي من الموقع جعلوني أمشي على شارع ترابي وليس على شارع معبد فقلت في نفسي سوف يقتلونني، ولكني سمعت بعدها صوت باب لسيارة تفتح وأنا في داخل المعتقل وخارجه وطوال هذه الايام المريرة لا أميز الصباح من الليل الا مثلما يقال لي هذا فطور وهذا غداء وعشاء . المهم أصعدوني في سيارة وعرفت بأنهم ثلاثة وأنا رابعهم وأجلسوني في الخلف معصوب الاعين ومكبل الايدي، وقام الجالس بقربي بأنزال رأسي بين رجلي ووضع يده على رأسي طوال الطريق التي ظلت السيارة تسير به حيث أوهمونني بأنهم بعيدين كل البعد عن منطقة الجادرية، ثم قالوا لي سنوقف السيارة وعندما ننزلك منها ونفتح عصابة عينيك أياك أن تلتفت على السيارة والا سنرجع ونأخذك ونعذبك شر تعذيب، لكن حال نزولي من السيارة وفتح عصابة عيني وعند تحرك السيارة بضعة أمتار ألتفت فكانت السيارة من نوع (...................) تابعة لمغاوير الداخلية وعند ذهابها تمشيت قليلا ثم أوقفت سيارة أجرة ملهوفا كي أرجع الى البيت، وعند وصولي للبيت ودخولي أليه أرتميت على أولادي أقبلهم وأجهش بالبكاء مما عانيت من هذه الشدة والمصيبة الكبرى التي حلت بي، وظللت أحدثهم عما جرى بي من عذاب جسدي ونفسي قاسيين في معتقل الموت البطئ معتقل الجادرية سئ الصيت والسمعة.. وبعدها ظلت تطاردني الذكريات الاليمة أينما ذهبت، فحبست نفسي في بيتنا مرعوبا ولكن كل تفكيري وشغلي الشاغل على جاري، وأن في عنقي دين وفي رقبتي أمانة يجب أن أوصلها الى عائلته كي أخبرهم وأطمئنهم عليه لانهم كانوا هم وأهلي يعتقدون بأننا قد لقينا حتفنا على يد تلك العصابة، فأرسلت بطلب عائلة الجاري بعد يومين من أطلاق سراحي وأخبرتهم أن يتصرفوا فورا ويساعدوا بأطلاق سراحه، فتفاجئت بقولهم أنه قد أتصل بهم هاتفيا وأرغموه أن يدفع لقاء أطلاق سراحه لهم مبلغا كبيرا كي ينال الحرية.. وبعدها بأيام عرفت بأنه دفع الفدية ولم يطلق سراحه!!! أما أنا فبقيت حابسا نفسي في البيت عدة أسابيع خوفا ورعبا ولم أخرج الى الشارع أبدا حذرا وقلقا وخوفا من أن هناك في الشارع وحش ينتظرني يحاول النيل والقصاص مني كي يرجعني الى معتقل الموت.. وبعد أن خرجت للشارع بعد فترة طويلة مكثتها في البيت بدأت المضايقات لي من قبل مرتزقة تابعين للميلشيات القذرة في منطقتنا تسلطوا علي بالكلام الجارح وبالتهديد والوعيد، فضاقت علي الدنيا ولم يعد البقاء في بغداد ممكنا.. هذه شهادتي والله على ما أقول وكيل.. ---------------------- الرابطة العراقية: نشكر الأخ الكريم على شجاعته في الادلاء بشهادته المفصلة للرابطة العراقية، ونرجو من كل من تعرض للاعتقال والتعذيب في معتقل الجادرية سيء الصيت أن يكتب لنا على الفور لنتعرف على حقيقة ما جرى على أيدي زبانية صولاغ وبإشرافه المباشر
((وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ))
أول سجن سري مكتشف بعد احتلال العراق .. وثائق وحقائق وشهادات وأعترافات تكشف حقيقة ما جرى تحت الأرض وفي دهاليز ملجأ الجادرية مقبرة الأحياء
House of horrors , holocaust , Ghosts of Jadriya
First secret prison discovered in Iraq after 2003, where torture of Sunnis was systematic during the tumultuous administration of Interior minister Badr-affiliated Baqir Solagh in 2005
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
صولاغ
No-one was beheaded, no-one was killed
Bayan Jabr Iraqi Interior Minister
بيان جبر صولاغ : ان من قام بجريمة السجون السرية في منطقة الجادرية هم أزلام النظام السابق ، الذين استطاعوا ان يتغلغلوا بيننا بدون ان نشعر ، ويتقلدوا اعلى المناصب بدون ان نعرف ، اما نوعية المعتقلين فهم وان كانوا ارهابيين بعثيين ولكن لا يعني هذا ان يتعرضوا للتعذيب !!
( يعني المعتقلين بعثيين والسجانين والجلادين كذلك بعثيين )
Bayan Jabr Iraqi Interior Minister
بيان جبر صولاغ : ان من قام بجريمة السجون السرية في منطقة الجادرية هم أزلام النظام السابق ، الذين استطاعوا ان يتغلغلوا بيننا بدون ان نشعر ، ويتقلدوا اعلى المناصب بدون ان نعرف ، اما نوعية المعتقلين فهم وان كانوا ارهابيين بعثيين ولكن لا يعني هذا ان يتعرضوا للتعذيب !!
( يعني المعتقلين بعثيين والسجانين والجلادين كذلك بعثيين )
All for Torture, and Torture for All!
the Washington Times reported today. “Maj. Gen. Hussein Kamal, deputy interior minister said the detainees also included Shiites, Kurds and Turkmen.”
Translation: No bias here. We’re equal opportunity torturers!
Translation: No bias here. We’re equal opportunity torturers!
تخونني كل الكلمات
ردحذفحسبي الله ونعم والوكيل .. حسبي الله ونعم والوكيل
في الحقيقة تاثرت كثيرا ,,, وعصرني قلبي على ما وصل حال العراق الية ,,,, احسست ان قلبي يخرج مني ,,,,,المشكلة ان الذين فعلو هذا هم عراقيو الجنسية ولو انهم لا يستحقون ان يكونوا اهل هذا البلد بلد الحضارة والشرف العريق ,,,فقط اقول مع الاسف
ردحذف