الحرب الباردة في الجادرية
لا تعرفُ ماذا يجري! وكأنها ساحة حرب مستعرة أوراها. رجال ببزات عسكرية، وبدلات مدنية. سيارات عديدة تحسبها طائرة في السماء وليس على الأرض، أجساد جالسة على نوافذ السيارات. أصوات غريبة وعالية لا تفقه لها من طلسم، ومسدسات مرفوعة عاليا تصاحبها إشارات جسدية مريبة نوعا ما، وزعيق (الهورنات) يذهبك مباشرة لمراجعة عيادة الأذن.. وعيون متطايرة تنذرك (تنحَّ.. الشارع لنا)!ما أوردته في مقدمتي هذه ليس فيلم أكشن، بل هو أشبه بمسرح الشارع يؤديه ببراعة رجال حماية المسؤولين ـ الكبار والصغار ـ على حد سواء، في تقاطع الجادرية، فالاثنان يفضلان لعبة مغامرات المافيا! وسط دهشة المارة والجاثمين في مركباتهم ـ الأجرة والخاصة ـ وهم (يشبرون) الشارع أثناء انتظار دورهم في الخروج من فوهة السيطرة. أما الطريف في الأمر فإن حماة السيطرات والمرور وكل التشكيلات الأخرى المنتشرة وسط التقاطعات والشوارع العامة في الجادرية يقفون أمام المسؤولين وحماياتهم كأنهم تمثال (يوشيكو) لا يرون، لا يسمعون، لا يتكلمون، خوفا مما لا يحمد عقباه!
للحرب النفسية تسميات عديدة منها (الحرب الباردة) وقد باتت تشتغل في العراق على نطاق واسع، حيث وجدت لها مأوى بين الناس المغلوبة على أمرها التي تخرج مبكرا للوصول إلى وجهتها التي تبتغي وهي ما بين استخفاف حمايات المسؤولين (وانضباط) أفراد السيطرات على المساكين، ضاع اليوم بطوله ولم يجنِ المواطن سوى آه.
أتمنى أن يقوم أحد المسؤولين ـ الكبار أو الصغار ـ بركوب سيارة أجرة مع عباد الله ويتكلم لنا عما شعر به صيفا أو شتاء سواء كان ذاهبا للعمل أم لمراجعة مشفى أو دائرة كي ينجز معاملة له ليخبرنا بصدق عن تجربته... المريرة!
عمود انتصار السراي / جريدة العهد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق