وتذكّر تصفية العبيدي، وهو نائب رئيس اللجنة البرلمانية لحقوق الإنسان، بما تعرّض له النائب محمد الدايني، الذي اتهم بالإرهاب، وسحبت منه الحصانة، بعدما كشف الكثير من الممارسات اللاإنسانية داخل السجون والمعتقلات الحكومية العراقية وبعد ان طالب بكشف ملف ملجأ الجادرية .
* هيفاء زنكنة
آخر صرعات حكومة الاحتلال الرابعة اطلاقها التحذيرات من انتشار التسييس في ارجاء البلاد وعلى كل المستويات. والتسييس، هنا، بمعنى معالجة الأمور ضمن منظور سياسي يحدد مسؤولية القائمين على إدارة الشأن العام فيما يخص حياة المواطن. مما يجعل فحوى موجة التحذير الحالية، اذن، عدم ربط ما يجري بأي مسؤول أو سياسة حكومية.
وقائمة التحذيرات والانتقادات طويلة، وانتقاداتها تتم باسلوب الكيل بمكيالين، لأن المسؤولين هم أنفسهم أصحابها. ولعل اكثرالتحذيرات رسوخا في الذهن، انتقاد المالكي في 9 تموز (يوليو) الحالي، تسييس حقوق الإنسان من قبل بعض الجهات التي لم يسمها معلنا بانه يرفض إطلاق سراح أي معتقل 'إلا إذا ثبتت براءته'. مما يعني حسب المفهوم المالكي لاستقلالية القضاء وحقوق الانسان بان المواطن العراقي المعتقل.
وبعكس كل قوانين العالم، متهم حتى تثبت براءته. وان القضاء صوري وخاضع للمالكي الذي يتوهم، بانه لديه من الخبرة والدراية القانونية ما يجعله مؤهلا لأن يثبت براءة او جرم المعتقل. ومن يدري فقد يشرع المالكي، قريبا، باصدار البحوث والدراسات القانونية والحقوقية مع بعض الدواوين الشعرية والروايات!
ومن يقرأ خطاب المالكي عن حقوق الانسان ووجود آلاف المعتقلين في غياهب سجون حكومته واعتباره اياهم من المجرمين المدانين منذ لحظة اعتقالهم ورفضه معاملتهم وفق مبادىء حقوق الانسان على الرغم من تعرضهم، وبشهادات عدد من النواب وتقارير المنظمات الدولية، لأدرك لماذا ترحب الادارة الامريكية بهكذا رئيس وزراء ولماذا قال الرئيس الامريكي السابق جورج بوش بأنه لم يخب امله بالمالكي وانه يدعمه بقوة.
ولعل تصريح المالكي في مؤتمر منظمات حقوق الانسان قد ترك الحاضرين فاغري الافواه عجبا، اذ قال: ان 'حقوق الإنسان ليست محصورة بالمعتقلين، وأصبحت قضية سياسية، وعجباً ان تكون حقوق الإنسان للمعتقلين فقط وليست للأبرياء'. وهنا تتضح طبيعة الكيل بمكيالين. فكل اعتقال من قبل النظام السابق كان سياسيا، اما الاعتقال من قبل حكومات الاحتلال فانه ليس قضية سياسية!
ويصل المالكي قمة وعيه بحقوق الانسان حين يقول متسائلا: 'عما إذا كان البعض يدافع عن حقوق الإنسان للمعتقلين فمن قتل وخرب وقام بالتفجيرات؟'، مستنكراً ان 'يصل الكلام الى عدم إصدار احكام قضائية بحقهم'، أي اصدار احكام الاعدام بحق المعتقلين! ولم ينس المالكي ان ينهي خطابه بالتحذير من فيروس التسييس، قائلا بهستيريا المحصور في حفرة لا يعرف كيفية الخروج منها: 'كل شيء في العراق مسيس، حتى مكافحة الفساد الإداري دخلت فيه السياسة، وكذلك الفساد السياسي وحقوق الإنسان'.
هنا، يحاول 'رئيس الوزراء' المالكي رمي مسؤولية كل ما يجري من مساوئ تتم في ظل حكومته على التسييس. وكأنه وحكومته اعضاء في فرقة موسيقية راقصة لاعلاقة لها بالسياسة.
وتجدر الاشارة هنا الى ان بعض الناشطين الحقوقيين يربطون ما بين موقف حكومة المالكي المتشدد من المعتقلين لفترات طويلة بلا توجيه تهم اليهم او اطلاق سراحهم وما بين استهداف الناشطين الذين ساهموا في كشف فضائح التعذيب والانتهاكات في معتقلات وزارات العدل والداخلية والدفاع . وقد تم استهداف البعض وان كانوا من النواب كما حدث للنائب محمد الدايني وحادث اغتيال حارث العبيدي العضو بلجنة حقوق الانسان بالبرلمان.
العبيدي يكشف قبل اغتياله فضائح التعذيب والاغتصاب في سجون الحكومة العراقية وسط حشود من المهنئين باكتمال خطبة الجمعة التي القاها النائب الشيخ حارث العبيدي في جامع الشواف الكائن في حي اليرموك غربي بغداد، اقدم صبي يتراوح عمره بين الـ13 والـ14 وبشكل منتظم على اطلاق نار من مسدس كان يحمله بيده اليمنى وبيده الاخرى يحمل قنبلة يدوية بعد اكماله اطلاق النار على الشيخ العبيدي الذي كان يرتدي اللباس العربي والكوفية والعقال، فجرها بوجة معاوني الشيخ والمصلين الذي هموا بالانقضاض عليه ما ادى الى مقتل خمسة اشخاص بينهم أحد حراس الشيخ واصابة 12 اخرين بجروح من ضمنهم مدير مكتبه الذي اصيب بجروح بالغة'، حيث استطاع الصبي الفرار الا انه قتل على يد عناصر الامن التي كانت قريبة جدا من مكان الحادث حيث كانت توجد اربع نقاط تفتيش تبعد اقرب واحدة منها عن الجامع 50مترا فيما يوجد مدخل ومخرج واحد تسيطر عليه قوات الشرطة والجيش العراقي الذي تتكون عناصره من قوات البشمركة الكردية بينما انطلق عدد من حراس امن الجامع للبحث عن امرأة قال شهود انها كانت تمتهن التسول بالقرب من باب الجامع واختفت بعد الحادث مباشرة. وقال الشيخ العبيدي خلال خطبته الاخيرة ان ما يجري الان للمعتقلين العراقيين هو عملية انتقام لا سابق لها وان ضعفنا هو من جراء تركنا لدين الله والابتعاد عن شرع الله والتقيد بالقوانين الوضعية، التي تعتبر سب الحاكم جرما يستحق الإعدام فيما السراق والمستهترين بدين الله طلقاء ومكرمون. وتابع، اننا اليوم لا ندافع عن المجرمين من المعتقلين لكننا لا نسمح ببقاء الابرياء منهم يتعرضون الى اشد انواع التعذيب والقسوة وانتهاكات حقوق البشر في اوضاع لا يتحملها الحيوان، معتبرا ان القوانين غير الشرعية وفق الاسلام تطبق وتهمل القوانين التي شرعها الله وكل هذا مرضاة للحاكم. وكانت آخر تصريحات صدرت عن حارث العبيدي خلال إحدى جلسات البرلمان، حيث طالب بضرورة 'استجواب المسؤولين في وزارة الداخلية والوزارات المعنية الأخرى' حول وقوع حالات تعذيب واعتداء جنسي ضد معتقلين في أحد المعتقلات التابعة لوزارة الداخلية'. وذكر العبيدي أن 'وزارة حقوق الإنسان تؤكد حدوث هذه الانتهاكات'، مطالبا بـ'تشكيل لجنة حيادية من وزارتي الداخلية وحقوق الإنسان للعمل بإشراف ومسؤولية اللجان المختصة في المجلس وتحديد مدة لحسم هذا الملف'. وكانت مصادر قد التقت الشيخ حارث العبيدي رئيس كتلة جبهة التوافق العراقية في البرلمان العراقي قبل الخطبة بساعتين ونصف في حوار قصير حول أوضاع المعتقلين وبالأخص النساء منهم. وشكا الشيخ من تجاهل مطالبة لجنة حقوق الإنسان البرلمانية التي تعاني من عدم تطبيق قانون العفو العام، والروتين في عمل اللجنة مع وزارة حقوق الانسان بالتباطؤ واللامبالاة في التطبيق إذ نسمع بين الحين والآخر أعذارا لا تستند إلى مستندات قانونية'، داعيا الوزارات التنفيذية المعنية إلى 'المباشرة بتنفيذ القانون'. وأوضح أن 'المطالبة بتفعيل قانون العفو العام هو مطلب قانوني ومشروع لان أي قانون يصدر من السلطة التشريعية المتمثلة بالبرلمان يكون واجب التنفيذ ولا يحق لأي جهة سياسية أو غير سياسية أن تعترض أو تضع عقبات في طريق تنفيذ القانون'. وأضاف العبيدي أن 'الذي يدعو إلى تطبيق القوانين هو الذي يدعو إلى إقامة دولة القانون ودولة المؤسسات'. وأشار إلى أن 'الدعوات التي تقول بأن حالات العنف التي تحدث هي بسبب تطبيق قانون العفو العام هي دعوات باطلة ولديها أجندة سياسية وليست قانونية'. وتابع ان الاتفاق الامني هو المحرك الوحيد لإطلاق المعتقلين لدى القوات الامريكية، نافيا قيام نائب رئيس الوزراء طارق الهاشمي بالضغط على الجانب الامريكي لاطلاقهم. واوضح ان جبهة التوافق لديها موقف ثابت من قضية اطلاق المعتقلين، وطالبت بإخراج الأبرياء الذين لم تثبت ادانتهم، ولم تسمح بإطلاق المذنبين بحق الشعب العراقي، كما ان الهاشمي لم يطالب الامريكيين بإطلاق معتقلين مذنبين مثلما اشارت تصريحات مسؤولين في حزب الدعوة. واكد ان مسؤولين في الحكومة يحاولون التغطية على عجز قوات الامن في العاصمة وبعض المدن فلجأوا الى اتهام المعتقلين المفرج عنهم بالضلوع في عمليات التفجير التي وقعت في بغداد خلال الاسابيع الماضية. واكد وجود (4000)آلاف سجينة و22 طفلاً حديثي الولادة تشكل الطائفة السنية 93% منهم وانه التقى قسما منهن وكانت معي النائبة كيان كامل حسن برفقة عدد من النواب ايضا، واعترفن بتعرضهن للاغتصاب من قبل افراد في السجون الامريكية والعراقية. وذكر العبيدي ان سجينة عميت بسبب التعذيب واخرى حامل وولدت داخل السجن وان السجينات يعانين من اوضاع صحية وانسانية صعبة وان بعضهن تعرضن للإغتصاب داخل السجن واخريات ولدن اطفالا وهن سجينات بسبب الاغتصاب وان من تقدم منهن دعاوى ضد الذين اغتصبوهن بعد خروجهن من السجن اعيد اعتقالهن بدلا من اعتقال الجناة!. من جهته، اتهم النائب عن جبهة التوافق هاشم الطائي من دعاهم بالمستفيدين، بمقتل رئيس الجبهة في البرلمان الدكتور حارث العبيدي، مرجحا وقوف جهات أمنية وراء عملية الاغتيال. وأوضح الطائي 'إلى حد الآن نحن لا نوجه التهمة لأحد سوى المستفيدين من قتل الدكتور حارث، هم الذين فضحهم الدكتور حارث العبيدي عبر الفضائيات وكشف أسرار السجون وأخبار المعتقلات وأخبار التعذيب والاعتداءات الجنسية والاغتصاب وما إلى ذلك'. وأشار الطائي الذي كان أمّ صلاة الجمعة في نفس الجامع الذي شهد اغتيال العبيدي، إلى أن صبيا توجه نحو العبيدي في باحة الجامع وأطلق النار عليه من مسدس كان يحمله وأرداه قتيلا، مضيفا أن عناصر حماية العبيدي تبعته لكن الفتى تمكن من قتل اثنين منهم بقنبلة يدوية كانت بحوزته، وفر إلى خارج المسجد حيث تبعه شخص آخر وقتله في الحال. وأكد الطائي أن القوات الأمنية الموجودة في المنطقة والقوة المكلفة بحماية الجامع لا تقوم بتفتيش الأطفال، مضيفا أن هناك شكوكا تدور حول امرأة تمارس التسول كانت بالقرب من الجامع قد يكون لها دور في عملية الاغتيال. يشار إلى أن العبيدي كان عضوا في هيئة علماء المسلمين بزعامة حارث الضاري لكنه تخلى عن هذه العضوية بعد الانتخابات التشريعية الماضية بسبب مقاطعة الهيئة لها ومنع أعضائها من المشاركة فيها.
* هيفاء زنكنة
آخر صرعات حكومة الاحتلال الرابعة اطلاقها التحذيرات من انتشار التسييس في ارجاء البلاد وعلى كل المستويات. والتسييس، هنا، بمعنى معالجة الأمور ضمن منظور سياسي يحدد مسؤولية القائمين على إدارة الشأن العام فيما يخص حياة المواطن. مما يجعل فحوى موجة التحذير الحالية، اذن، عدم ربط ما يجري بأي مسؤول أو سياسة حكومية.
وقائمة التحذيرات والانتقادات طويلة، وانتقاداتها تتم باسلوب الكيل بمكيالين، لأن المسؤولين هم أنفسهم أصحابها. ولعل اكثرالتحذيرات رسوخا في الذهن، انتقاد المالكي في 9 تموز (يوليو) الحالي، تسييس حقوق الإنسان من قبل بعض الجهات التي لم يسمها معلنا بانه يرفض إطلاق سراح أي معتقل 'إلا إذا ثبتت براءته'. مما يعني حسب المفهوم المالكي لاستقلالية القضاء وحقوق الانسان بان المواطن العراقي المعتقل.
وبعكس كل قوانين العالم، متهم حتى تثبت براءته. وان القضاء صوري وخاضع للمالكي الذي يتوهم، بانه لديه من الخبرة والدراية القانونية ما يجعله مؤهلا لأن يثبت براءة او جرم المعتقل. ومن يدري فقد يشرع المالكي، قريبا، باصدار البحوث والدراسات القانونية والحقوقية مع بعض الدواوين الشعرية والروايات!
ومن يقرأ خطاب المالكي عن حقوق الانسان ووجود آلاف المعتقلين في غياهب سجون حكومته واعتباره اياهم من المجرمين المدانين منذ لحظة اعتقالهم ورفضه معاملتهم وفق مبادىء حقوق الانسان على الرغم من تعرضهم، وبشهادات عدد من النواب وتقارير المنظمات الدولية، لأدرك لماذا ترحب الادارة الامريكية بهكذا رئيس وزراء ولماذا قال الرئيس الامريكي السابق جورج بوش بأنه لم يخب امله بالمالكي وانه يدعمه بقوة.
ولعل تصريح المالكي في مؤتمر منظمات حقوق الانسان قد ترك الحاضرين فاغري الافواه عجبا، اذ قال: ان 'حقوق الإنسان ليست محصورة بالمعتقلين، وأصبحت قضية سياسية، وعجباً ان تكون حقوق الإنسان للمعتقلين فقط وليست للأبرياء'. وهنا تتضح طبيعة الكيل بمكيالين. فكل اعتقال من قبل النظام السابق كان سياسيا، اما الاعتقال من قبل حكومات الاحتلال فانه ليس قضية سياسية!
ويصل المالكي قمة وعيه بحقوق الانسان حين يقول متسائلا: 'عما إذا كان البعض يدافع عن حقوق الإنسان للمعتقلين فمن قتل وخرب وقام بالتفجيرات؟'، مستنكراً ان 'يصل الكلام الى عدم إصدار احكام قضائية بحقهم'، أي اصدار احكام الاعدام بحق المعتقلين! ولم ينس المالكي ان ينهي خطابه بالتحذير من فيروس التسييس، قائلا بهستيريا المحصور في حفرة لا يعرف كيفية الخروج منها: 'كل شيء في العراق مسيس، حتى مكافحة الفساد الإداري دخلت فيه السياسة، وكذلك الفساد السياسي وحقوق الإنسان'.
هنا، يحاول 'رئيس الوزراء' المالكي رمي مسؤولية كل ما يجري من مساوئ تتم في ظل حكومته على التسييس. وكأنه وحكومته اعضاء في فرقة موسيقية راقصة لاعلاقة لها بالسياسة.
وتجدر الاشارة هنا الى ان بعض الناشطين الحقوقيين يربطون ما بين موقف حكومة المالكي المتشدد من المعتقلين لفترات طويلة بلا توجيه تهم اليهم او اطلاق سراحهم وما بين استهداف الناشطين الذين ساهموا في كشف فضائح التعذيب والانتهاكات في معتقلات وزارات العدل والداخلية والدفاع . وقد تم استهداف البعض وان كانوا من النواب كما حدث للنائب محمد الدايني وحادث اغتيال حارث العبيدي العضو بلجنة حقوق الانسان بالبرلمان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق