إيران وقيام الحكومة الإسلامية في العراق * جاسم الشمري – العراق
جريدة الدستور الاردنية 6-2-2012
اختلفت تعريفات السياسة بين الإسلاميين والعلمانيين، وكل فريق منهم ينظر للمسألة من زاوية الأسس والمبادئ التي على ضوءها حُدد مفهوم السياسة عنده، إلا أنهم جميعا متفقون على أن السياسة هي فن حكم الدول، وجلب المصالح للمواطنين، وتنظيم السياسة الداخلية والخارجية للبلاد.
والعراق ابتلي منذ ثمانينات القرن الماضي بالعديد من الكوارث، ومنها حرب الثمان سنوات مع إيران، أو حرب الخليج الأولى، ثم حرب الكويت، أو حرب الخليج الثانية، وبعد ذلك الحصار القاتل الذي استمر منذ عام 1991، ولغاية يوم الاحتلال، عام 2003، ثم غزو العراق واحتلاله، أو حرب الخليج الثالثة.
ومنذ ثمانينات القرن الماضي والحرب الباردة والساخنة مستمرة بين العراق وإيران، حيث كان لإيران الدور الأبرز في تدريب وتمويل ما يسمى(المعارضة العراقية ) حينها، الذين يجلسون اليوم على سدة الحكم في المنطقة الخضراء، وبموازاة ذلك اعترفت إيران بالتعاون مع أمريكا لاحتلال العراق، وهذا ما صرح به أبطحي سكرتير خاتمي الرئيس الإيراني السابق حيث قال:( لولا إيران لما استطاعت أمريكا غزو أفغانستان والعراق)!!!
التغلغل الإيراني كان واضحاً منذ الأيام الأولى للاحتلال في جنوب العراق، وبمرور الأيام صار التدخل الإيراني في عموم الوزارات والدوائر الإستراتيجية، والمؤسسات الإنسانية والخدمية، أما تمركزهم في الوزارات الأمنية فهذا معروف لأغلب العراقيين، وسبق لي بتاريخ 16 /01 /2006 أن أجريت لقاء مع اللواء الركن ( منتظر السامرائي) المشرف على القوات الخاصة العراقية في وزارة الداخلية للفترة من 1/9/2004، ولغاية 26/7/2005، الذي قال لي بالحرف الواحد حينما سألته: (من هو أحمد سلمان؟ فرد قائلاً: -- أحمد سلمان اسمه الحقيقي هو (رشيد ناصر اللاوندي) وهو عقيد في المخابرات الإيرانية!!)، ثم استدرك قائلاً” أحمد السلمان هذا كان متنفذاً أكثر من وزير الداخلية نفسه، وكان يأخذ تعليماته من أيران وأمريكا. وأذكر العميد (علي حسين صادق) الذي كان الساعد الأيمن لأحمد السلمان، وهو مسؤول عن كثير من الجرائم، وقد هرب إلى إيران برفقة (بشير اللاوندي) بعد مداهمة قوات الاحتلال معتقل الجادرية، وسمعنا أن اللاوندي عاد إلى العراق؛ لأنه حصل على الأمان من قوات الاحتلال والحكومة!!”
وفي هذا الملف، نقف عند التصريح الأخير للعميد (قاسم سليماني) قائد فيلق القدس الإيراني يوم 19 /1 /2012، الذي أقر فيه “ أن العراق والجنوب اللبناني، يخضعان بشكل، أو بآخر لإرادة طهران وأفكارها، وأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بإمكانها تنظيم أية حركة تؤدي إلى تشكيل حكومات إسلامية في هذين البلدين بغية مكافحة الاستكبار”.
ويمكن أن يُفهم من هذا التصريح الخطير جملة من الحقائق، ومنها أن تأكيدات حكومة المالكي الحالية بأنها صاحبة القرار في العراق، هي متناقضة تماما مع هذا التصريح، وكذلك هي محاولة إيرانية لإظهار قوتها، وذلك عبر بيان سيطرتها على حكومة المالكي الحالية، وبالتالي هي ورقة ضغط على البيت الأبيض لإبعاد شبح الهجوم المزعوم على منشاتها النووية، وهي رغبة لإبراز أن المشروع الإيراني ليس متراجعا، وانه لازال قويا في المنطقة، ولم يتأثر ببوادر اهتزاز هي في أكثر من موقع في العالم، وهي أيضاً صورة من صور الدعم لحكومة المالكي المأزومة والخائفة من احتمالات المستقبل، وأخيراً يأتي هذا التصريح في دائرة السياسة الإيرانية المتبعة، وهي سياسة الاستفزاز والابتزاز لبعض دول المنطقة.
المسؤولون الإيرانيون يعلمون - قبل غيرهم - أنهم أكثر من استفاد من احتلال العراق، وعمليات الاغتيال المنظمة لقادة وطياري الجيش العراقي السابق لأكبر دليل على الانتقام الإيراني من رجال العراق الذين دافعوا عن البوابة الشرقية يوم حاولت إيران تصدير ثورتها إلى العالم العربي.
الحكمة والمنطق السياسي تقول أن على إيران الكف عن التدخل في الشأن السياسي العراقي، وان وصول بعض أتباعها لسدة الحكم لا يعني أن العراق أصبح لقمة سائغة لهم، والعراقيون الذين وقفوا لأمريكا بالمرصاد قادرون على أن يوقفوا التغلغل الإيراني في بلادهم، وهم معتمدون على الله أولاً، ثم على قدراتهم الذاتية وعلى عمقهم العربي الرافض لهذا التدخل السافر في الشأن العراقي.
جريدة الدستور الاردنية 6-2-2012
اختلفت تعريفات السياسة بين الإسلاميين والعلمانيين، وكل فريق منهم ينظر للمسألة من زاوية الأسس والمبادئ التي على ضوءها حُدد مفهوم السياسة عنده، إلا أنهم جميعا متفقون على أن السياسة هي فن حكم الدول، وجلب المصالح للمواطنين، وتنظيم السياسة الداخلية والخارجية للبلاد.
والعراق ابتلي منذ ثمانينات القرن الماضي بالعديد من الكوارث، ومنها حرب الثمان سنوات مع إيران، أو حرب الخليج الأولى، ثم حرب الكويت، أو حرب الخليج الثانية، وبعد ذلك الحصار القاتل الذي استمر منذ عام 1991، ولغاية يوم الاحتلال، عام 2003، ثم غزو العراق واحتلاله، أو حرب الخليج الثالثة.
ومنذ ثمانينات القرن الماضي والحرب الباردة والساخنة مستمرة بين العراق وإيران، حيث كان لإيران الدور الأبرز في تدريب وتمويل ما يسمى(المعارضة العراقية ) حينها، الذين يجلسون اليوم على سدة الحكم في المنطقة الخضراء، وبموازاة ذلك اعترفت إيران بالتعاون مع أمريكا لاحتلال العراق، وهذا ما صرح به أبطحي سكرتير خاتمي الرئيس الإيراني السابق حيث قال:( لولا إيران لما استطاعت أمريكا غزو أفغانستان والعراق)!!!
التغلغل الإيراني كان واضحاً منذ الأيام الأولى للاحتلال في جنوب العراق، وبمرور الأيام صار التدخل الإيراني في عموم الوزارات والدوائر الإستراتيجية، والمؤسسات الإنسانية والخدمية، أما تمركزهم في الوزارات الأمنية فهذا معروف لأغلب العراقيين، وسبق لي بتاريخ 16 /01 /2006 أن أجريت لقاء مع اللواء الركن ( منتظر السامرائي) المشرف على القوات الخاصة العراقية في وزارة الداخلية للفترة من 1/9/2004، ولغاية 26/7/2005، الذي قال لي بالحرف الواحد حينما سألته: (من هو أحمد سلمان؟ فرد قائلاً: -- أحمد سلمان اسمه الحقيقي هو (رشيد ناصر اللاوندي) وهو عقيد في المخابرات الإيرانية!!)، ثم استدرك قائلاً” أحمد السلمان هذا كان متنفذاً أكثر من وزير الداخلية نفسه، وكان يأخذ تعليماته من أيران وأمريكا. وأذكر العميد (علي حسين صادق) الذي كان الساعد الأيمن لأحمد السلمان، وهو مسؤول عن كثير من الجرائم، وقد هرب إلى إيران برفقة (بشير اللاوندي) بعد مداهمة قوات الاحتلال معتقل الجادرية، وسمعنا أن اللاوندي عاد إلى العراق؛ لأنه حصل على الأمان من قوات الاحتلال والحكومة!!”
وفي هذا الملف، نقف عند التصريح الأخير للعميد (قاسم سليماني) قائد فيلق القدس الإيراني يوم 19 /1 /2012، الذي أقر فيه “ أن العراق والجنوب اللبناني، يخضعان بشكل، أو بآخر لإرادة طهران وأفكارها، وأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بإمكانها تنظيم أية حركة تؤدي إلى تشكيل حكومات إسلامية في هذين البلدين بغية مكافحة الاستكبار”.
ويمكن أن يُفهم من هذا التصريح الخطير جملة من الحقائق، ومنها أن تأكيدات حكومة المالكي الحالية بأنها صاحبة القرار في العراق، هي متناقضة تماما مع هذا التصريح، وكذلك هي محاولة إيرانية لإظهار قوتها، وذلك عبر بيان سيطرتها على حكومة المالكي الحالية، وبالتالي هي ورقة ضغط على البيت الأبيض لإبعاد شبح الهجوم المزعوم على منشاتها النووية، وهي رغبة لإبراز أن المشروع الإيراني ليس متراجعا، وانه لازال قويا في المنطقة، ولم يتأثر ببوادر اهتزاز هي في أكثر من موقع في العالم، وهي أيضاً صورة من صور الدعم لحكومة المالكي المأزومة والخائفة من احتمالات المستقبل، وأخيراً يأتي هذا التصريح في دائرة السياسة الإيرانية المتبعة، وهي سياسة الاستفزاز والابتزاز لبعض دول المنطقة.
المسؤولون الإيرانيون يعلمون - قبل غيرهم - أنهم أكثر من استفاد من احتلال العراق، وعمليات الاغتيال المنظمة لقادة وطياري الجيش العراقي السابق لأكبر دليل على الانتقام الإيراني من رجال العراق الذين دافعوا عن البوابة الشرقية يوم حاولت إيران تصدير ثورتها إلى العالم العربي.
الحكمة والمنطق السياسي تقول أن على إيران الكف عن التدخل في الشأن السياسي العراقي، وان وصول بعض أتباعها لسدة الحكم لا يعني أن العراق أصبح لقمة سائغة لهم، والعراقيون الذين وقفوا لأمريكا بالمرصاد قادرون على أن يوقفوا التغلغل الإيراني في بلادهم، وهم معتمدون على الله أولاً، ثم على قدراتهم الذاتية وعلى عمقهم العربي الرافض لهذا التدخل السافر في الشأن العراقي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق