17/08/2008 موقع الأخبار
أ. د. مصطفى كامل النجار
تنحى كثير من الكتل السياسية على المالكي باللوم لعزله القاضي راضي حمزة الراضي رئيس هيئة النزاهة السابق عن موقعه على اعتبار ان ذلك قاد الى تفكيك هيئة النزاهة و حلها و انهاء وجودها الفعلي!!!
و يبدو لي هذا اللوم غريبا بعض الشيئ فهذا المنطق يربط وجود مؤسسة حكومية بشخص واحد بحيث لا يمكن لهذه المؤسسة ان توجود او تعمل بدونه!!! تُرى ما هو مصير النزاهة لو ان القاضي مَرض مثلا؟ او انتهت فترة ولايته – علما ان فترة ولايته بحكم القانون هي خمس سنوات لا يجوز تجديدها وقد قضى منها اربعة بمعنى انه عُزل قبل سنه واحد من انتهاء ولايته- فما هو مصير النزاهة بعد انتهاء ولاية القاضي راضي؟ هل يجب حّلها مثلا! لانها لا يمكن ان تعمل الا مع وجوده!!! هل معنى هذا ان القاضي يجب ان يبقى رئيسا للنزاهة مدى الحياة؟!!! و مع صحة هذه الفريضة اي بقاءه مدى الحياة رئيسا للنزاهة- رغم ان ذلك يخالف قانون هيئة النزاهة نفسها- و ماذا بعد؟ فهل القاضي راضي خالدا مخلدا في الدنيا؟! من ناحية اخرى ألم يكن هذا هو منطق صدام حسين الذي كان يقول ان العراق ينتهي فعليا اذا ترك هو رئاسته!!! فالكتل السياسية تكرر نفس المنطق الذي كانت تعّيبه عندما كانت في المعارضة مطالبة بفسح المجال امام قيادات اخرى فلماذا لا يتم فسح المجال امام قيادة جديدة للنزاهة؟! بل يحكم على هيئة بكاملها بالاعدام لان رئيسها غادرها!!!
من ناحية اخرى يُنازع القاضي راضي على احقيته برئاسة هيئة النزاهة على اعتبار ان نظام البعث المقبور قد سجنه و عذبه مرتين لاسباب سياسية !! ورغم ان تولي منصب بهذه الخطورة يكون استنادا الى الكفاءة وليس الى التاريخ السياسي – مع كل التقدير لاي تاريخ سياسي- إلا ان هذه الحجة ترتد على القاضي راضي نفسه! لسبب بسيط ان الافراج عن سجين سياسي ثم تقليده منصب من الدرجة الخاصة يصدر به مرسوم جمهوري و يصادق عليه مجلس قيادة الثورة لهو بحد ذاته دليل "عفو" و "تكريم" من قبل القيادة السياسية التي اضطهدته و عذبته!!! فالجهة التي ارتكبت خطأ بحق القاضي راضي قررت اصلاحه من خلال اطلاق سراحه و مكافاته بتعينه بمنصب قاضي!!!!! فهناك تعارض منطقي واضح في هذا الطرح! فكيف ُيسجن شخص وُيعذب لاكثر من مرة ثم يّكرم بمنصب من الدرجة الخاصة منصب يتضمن امتيازات و حوافز لا ينالها الا من ترضى عنه القيادة السياسية؟ فالشخص الذي يُسجن و ُيعذب يُطرد من وظيفته و لا يحتفظ بها و يترقى و يستمر متمتعا بامتيازات خاصة !! من ناحية اخرى كيف يوافق صدام حسين- الذي لم يسامح زوج ابنته بل قرر بنفسه منح ابنته لقب ارملة و حرمان احفاده من والدهم الى الابد صدام حسين الذي كان يقول لو نازعني عدي على الكرسي لقتلته- كيف يوافق على تعيين شخص شق عصا الطاعة عليه!!! بل و بتعينه بمنصب من الدرجة الخاصة منصب يؤدي الى حصوله على سيارة و امتيازات ماليه راتب و مخصصات و مكافأت لا ينالها إلا ذو حظ عظيم؟!
لا بد ان القاضي راضي كان اعّز على صدام حسين من زوج ابنته صدام كامل و من عدي ابنه لان القاضي راضي شق عصا الطاعة جهارا نهارا – تماما كما فعل صدام كامل- و لكن صدام حسين عفى عنه رغم انه لم يطلب العفو و السماح!! في حين لم يعفو عن زوج ابنته و ابو احفاده وقتله شر قتلة رغم انه طلب العفو و السماح بل و حصل على وعد بالامان ان عاد الى العراق!!!!
تُرى هل لذلك علاقة بكيفية اداء القاضي راضي لعمله؟ بمعنى هل سكت القاضي راضي عن تلك الكتل السياسية و غض النظر عن انتهاكاتها و عبثها بالمال العام مقابل دعمها له ؟ مقابل تزكيتها؟ مقابل حصوله على منصبه وبقاءه في منصبه ما دام حيا؟
هذا ما نراه في الحلقة القادمة!!!!
الحلقة الثانية
القاضي راضي رئيسا للنزاهة مدى الحياة
كتلة المجلس الاعلى: الوزير بيان جبر (صولاغ) الزبيدي نموذجاً
الدكتور مصطفى كامل النجار
على الرغم من القاضي راضي معروف بتصريحاته النارية وظهوره الاعلامي المكثف إلا هذا الظهور يفتر بل وينعدم تماما عندما يتعلق الامر بالوزير بيان جبر الزبيدي !! فلم يصدر للقاضي راضي اي تصريح او حتى تلميح بان خطأ واحد و لو كان غير مقصود قد ارتكب من قبل الوزير بيان جبر رغم توليه ثلاث حقائب وزارية شابها الكثير من الاخطاء – كما سنرى-!!! بل ان القاضي راضي دافع – في اكثر من مناسبة- عن الوزير بيان جبر رغم ان هذا ليس من واجبه كرئيس للنزاهة بل ان واجبه هو العكس اي مراقبة الوزير و تدقيق اعماله لا الدفاع عنه!! بل ان الوزير الزبيدي بدى و كأنه لا يأبه مطلقا لاي محاسبة او مسألة من قبل القاضي راضي!!!
و رغم ان السيد وزير النفط اكّد و في اكثر من مناسبة ان العراق يصدر 1.7 مليون برميل يوميا ومنذ عام 2006!!! فان القاضي راضي لم يصدر منه و لو حتى تلميح بسيط انه سيتحرى الموضوع او يوجه استفسار بشانه! فأذا كانت وزارة النفط تصّدر المعدل المطلوب فما سبب العجز اذنا؟ و ما هو مصير الستة مليار دولار؟! أين ذهبت؟ لا جواب من قبل القاضي راضي؟!
لمطالعة تصريح وزير النفط انظر الرابط:
http://www.aswataliraq.info/look/article.tpl?IdLanguage=17&IdPublication= 4&NrArticle=52128&NrIssue=1&NrSection=2
و رغم ان مبلغ الستة مليار دولار يكاد يوارزي ميزانية الاردن لعام 2008 و البالغة خمسة مليار دينار اردني تسد احتياجات الاردن كافة من كهرباء و دواء و نقل كما انه يفوق ميزانية اليمن لعام 2004 و البالغة اربع مليارات دولار!!!! فأن القاضي راضي لم يتوجه لو بسؤال بسيط حول قيمة العجز و سببه!!! وهكذا ورغم تأكيد وزير النفط ان وزارته تصدر المعدل المطلوب-قبل سنة من تاريخ اعلان العجز- مما ينفي سبب العجز فلم يشعر القاضي راضي بما يدعوه لتحري الامر مطلقا !! كما لم يشعر الوزير بخوف او وجّل و هو يقر و على الملأ ضياع مثل هذا المبلغ المهول!!! الوزير فقد في ثواني مبلغا يوزي ميزانية دولة لسنة كاملة تحت ذريعة باطلة و سط صمت مطبق من القاضي راضي!!!!
لم يكن هذا هو التصريح الاول لوزير المالية بل سبقه تصريح بفقد خمسة عشر مليار دولار ناجمة عن اعادة المحافظات الجنوبية مبالغ من ميزانية عام 2006 فاذا كانت المحافطات قد اعادت المبلغ و دخل في عهدة الوزارة ألآ تصبح الوزارة مسؤولة عنه؟ و ما هو مصير المبلغ ؟ بمعنى ماذا حدث للمبلغ بعد توريده للوزارة ؟ مرة اخرى كان صمت القاضي راضي هو الجواب!!!
لمطالعة تصريح الوزير انطر الرابط:
لقد فقد وزير المالية مبلغا يوزي ميزانية قارة افريقيا باكملها!! و مع ذلك لم يجد القاضي ما يدعوه لتحري الامر أو حتى بحثه كما بدى وزير المالية واثقا تمام الثقة ان لا احد سيدقق تصريحاته و يقارنها بتصريحات وزير النفط و لهذا اعلن على الملأ – و بكل فخر و اعتزاز- فقدان هذه المبالغ!! كما انه لم يقدم في هذه المرة تبريرا لفقد المبلغ وضياعه بل اكتفى باعلان ذلك!!! لم يقف الامر عند هذا الحد حيث فقد وزير المالية مبلغ سبعة مليارات دولار
لمطالعة الموضوع انظر الرابط:
ليبلغ مجموع المفقود من ميزانية الدولة العراقية 28 مليار دولار اي بواقع مليون دولار لكل مواطن – على فرض ان عدد نفوس العراق 28 مليون - أي ان الوزير فقد من الميزانية ما يوازي عدد نفوس العراق!!! ليكون ما فقده اكبر مبلغ فقد في تاريخ العراق الحديث !!! و مع ذلك فلقد التزم القاضي راضي جانب الصمت و الهدوء تجاه فقدان الوزير الزبيدي لاكثر من نصف الميزانية و البالغة واحد و اربعون مليار دولار!!! فهل كان هذا الصمت بدون مقابل ؟ ام انه جاء في سياق بقاء القاضي راضي في منصبه دون منازع وعدم اثارة قرب انتهاء ولايته في البرلمان؟
اما موقف القاضي راضي من فضيحة سجن الجاردية فقد بدى اكثر من غريب!!! حيث ادارت وزارة الداخلية و اثناء تولي الوزير بيان جبر حقيبة الداخلية سجنا سريا لتعذيب المواطنين العراقيين! بمعنى ان الوزارة صرفت ميزانيتها على ادارة السجن و تمويله!!! بل ان الحكومة العراقية ممثلة بنائب رئيس الوزراء الدكتور احمد الجلبي في وقتها أقّرت بوجود سجون اخرى تديرها وزارة الداخلية ورغم توجيه كثير من الاسئلة حول تمويل وزارة الداخلية للسجن او السجون الاخرى و كيفية صرفها على السجن و المطالبة ببيان حجم الاموال التي هدرت على تعذيب المواطنين و ادامة السجن و شراء اداوات التعذيب فلقد التزم القاضي راضي الصمت بل انه دفاع عن الوزير الزبيدي معتبرا ان من يثير هذا الموضوع يدافع عن وزراء سابقين!! ورغم ان لا علاقة للسؤال بوزراء سابقين بل هو يدور حول تصرف وزير حالي باموال الدولة يبقى السؤال قائما ما هو مصدر تمويل سجن الجاردية و لماذا رفض القاضي راضي تحري الموضوع بل و دفاع عن الوزير الزبيدي رغم ان ذلك ليس من واجبه!!!
انظر ايضا رد المحامية منال الموسوي على رفض القاضي راضي التحقيق في سجن الجادرية
فقد استمر القاضي راضي في دفاعه المستميت عن الوزير بيان جبر رافضا توجيه اي سؤال او استسفار له سواء عن فقدانه نصف ميزانية الدولة او ادارته لسجون سرية !!! وعليه لم يطالب البرلمان العراقي الانتقالي - باشر اعماله في نيسان 2005- القاضي راضي باي تقرير عن اعمال الحكومة كما لم يقدم القاضي راضي بدوره اي تقرير رغم انه التزام اساسي من التزامات النزاهة!!! و كانت الاغلبية في البرلمان للمجلس الاعلى – الحزب الذي ينتمي اليه الوزير الزبيدي-
كما لم يختلف موقف القاضي راضي من الوزير الزبيدي اثناء توليه حقيبة الاعمارو الاسكان ابان فترة مجلس الحكم فقد كان القاضي راضي صامتا تماما عن ابداء اي راي او تصريح عن اداء اعضاء مجلس الحكم او وزراء مجلس الحكم ويبدو ان هذه الفترة هي التي لا يحب القاضي راضي الحديث عنها مطلقا!! بل لم يسجل له ظهور اعلامي واحد خلال تلك الفترة!!! رغم ان النزاهة انشأت ابتداً لمراقبة اعمال مجلس الحكم اعضاءً و وزراءً- انظر المادة واحد فقرة خمسة من قانون النزاهة-[1] !!! فهي بحق الفترة "المعتمة" ليس بسبب قلة الانجازات فقط بل بسبب انعدام الرقابة !!! فلم يصدر طوال هذه الفترة تصريح واحد من القاضي راضي كما انه لم يقدم التقرير الرقابي الذي كان يفترض تقدمه و الذي يشمل تدقيق اعمال اعضاء مجلس الحكم و نوابهم والوزراء و وكلائهم فقد بقيت هذه الفترة طي الكتمان !!! كما لم يطالب اعضاء مجلس الحكم القاضي راضي بالكشف عن مصالحه المالية كما تنص المادة اعلاه؟! مرة اخرى هناك سكوت غريب بين الطرفين!! سكوت و صمت رافق هؤلاء الاعضاء و وزراءهم في اي منصب تسنموه!! و لعل فتح ملف واحد ابان فترة مجلس الحكم يقود الى فتح ملفات لا يرغب " احد" بمناقشتها!!! و يبدو ان هذا هو التعليل الوحيد لهذا الصمت و التعتييم الذي يحيط ملفات مجلس الحكم!!! فهل المسألة عرفان بالجميل لان مجلس الحكم رشح القاضي راضي لمنصب رئيس هيئة النزاهة دونما سؤال حتى عن اسباب دخوله السجن مرتين و من ثمة العفو عنه و تعيينه قاضيا؟ ماذا يعرف اعضاء مجلس الحكم عن القاضي راضي و ماذا يعرف هو عنهم؟ فكلا الطرفين يتبادلان الصمت على نحو غريب!!!!
و لكن هل يكفي تيأيد و دعم المجلس الاعلى لبقاء القاضي راضي في منصبه مدى الحياة؟! هل يكفي سكوته عن وزراء المجلس الاعلى؟ ام ان خطورة المنصب تتطلب دعما اكبر !؟
هذا ما نراه في الحلقة القادمة!
1- حيث تنص المادة 1 فقرة 5 من القسم الثاني و الذي يحمل عنوان المصطلحات من قانون المفوضية العامة للنزاهة على : (تعني عبارة الاشخاص الذين تسري عليهم متطلبات الكشف عن المصالح المادية:
أ-اعضاء مجلس الحكم و نوابهم
ب-الوزراء ونواب الوزراء
ج-المحافظون
د- القضاة
هـ-رئيس المفوضية و نائبه وجميع مدراء و محققي المفوضية
و- اعضاء الهيئة التشريعية الوطنية لما بعد الانتقال
ز- المسؤول التنفيذي الرئيسي للعراق اثناء فترة الانتقال و ما بعدها
الحلقة الثالثة القاضي راضي رئيسا للنزاهة مدى الحياة!!
المقال كاملاً :