القوات الأميركية، لا تترك بناية واحدة في بغداد والمحافظات، دون دخولها وتفتيشها بدقة، حتى الوزارات والمؤسسات والجامعات ..
وليد الزبيدي/ كاتب عراقي
ثلاث قصص غامضة حول التعذيب 3-3
أقصد بالقصص الغامضة الثلاث، هي الكشف عن التعذيب في سجن ابو غريب في نيسان عام 2004، والاعلان عن معتقل سري في (ملجأ الجادرية) في تشرين الثاني عام 2005، وقصة الكشف عن معتقل (مطار المثنى) في نيسان عام 2010.
عندما نتحدث عن الطرق الغامضة في تسريب المعلومات الاولية عن التعذيب في هذه السجون، فإننا نريد القول، انه من الخطأ أن نعتقد ان هذه الاعلانات قد حصلت بعيداً عن معرفة الادارة الأمريكية، وعندما تكون على هذا الحال، فان اهدافاً اخرى، لابد ان تحاول هذه الادارة تحقيقها.
القصة الأولى
لنبدأ بالقصة الاولى، التي اذهلت العالم، وبدأت شرارة الخبر من خلال ما نشره الصحفي الأمريكي المشهور (سيمور هيرش) في احدى الصحف الأمريكية، وتحدث عن التعذيب في معتقل (ابو غريب) وخرجت للمرة الاولى صور فوتوغرافية، تظهر بعض العراقيين وهم يتعرضون للتعذيب والاهانة والاذلال، مع عدد قليل من الجنود والمجندات الأمريكيات، وهم يمارسون التعذيب بحق العراقيين، وفي الواقع، فإن توضيحاً مقنعاً عن الكيفية التي خرجت فيها تلك الصور والمعلومات، وكيف وصلت الى (سيمور هيرش)، لم تخرج، ومهما قيل عن علاقات هيرش وقدرته في الحصول على المعلومات الخاصة والسرية، فإن هذا الامر يبقى غير مقنع، إن لم يكن خروج الصور او لنقل تسريبها، قد حصل بموافقة ثلاث جهات رئيسية على اقل تقدير، وهي الاستخبارات العسكرية، التي تتواجد في كل فرقة ولواء ووحدة عسكرية أمريكية في العراق، وهناك الوحدة المسؤولة عن الاعلام والحرب النفسية، ومهمة هذه الوحدة التصوير والتوثيق ومتابعة تحركات وفعاليات القوة العسكرية التي يتواجدون معها، ومن مهام هذه المجموعة توجيه الارشادات والتحذيرات للجنود والضباط خشية تسريب اية معلومة أو صورة عن نشاطاتها.
والجهة الثانية هي وكالة المخابرات المركزية، التي تتابع وترصد بصورة مركزية نشاطات وفعاليات وتحركات الوحدات العسكرية بالتنسيق المباشر مع الاستخبارات العسكرية، والجهة الثالثة، هي وزارة الخارجية الأمريكية، التي تعنى بمتابعة الفعاليات الادارية والعسكرية في اطارها العام.
فإذا افترضنا، ان الصور التي نشرها (سيمور هيرش) حول التعذيب في معتقل ابو غريب، تسيء الى سمعة الجيش الأمريكي والولايات المتحدة، كيف سمحت الجهات الثلاث التي ذكرناها بتسريب هذه الصور والمعلومات، ان لم تكن ترمي الى تحقيق هدف او اكثر من هدف في آن واحد، من جراء السماح بوصول تلك الصور الى هذا الصحفي الذي عرفه الرأي العام الأمريكي والعالمي من خلال تغطياته الشهيرة للحرب الأمريكية في فيتنام خلال ستينيات القرن الماضي، حتى هزيمة القوات الأمريكية منتصف سبعينيات القرن العشرين، ومهما قيل حول الموضوع فان التسريبات متعمدة وسنوضح الهدف منها لا حقا كما سنناقش القصتين الغامضتين ايضاَ.
العديد من علامات الاستفهام
إذا كانت قصة الكشف عن التعذيب في سجن (أبو غريب) تحمل العديد من علامات الاستفهام، فإن القصة الثانية، مفضوحة بجميع تفاصيلها، إلا أن الوجع والألم المتراكم على رؤوس العراقيين، لا يمنحهم فرصة للتأمل والتدقيق في الكثير من الوقائع والأحداث، ومن بين تلك القصص، الطريقة التي تم فيها اكتشاف معتقل (ملجأ الجادرية في 2005/11/16عندما كان ابراهيم الجعفري رئيساً للحكومة ووزير داخليته باقر صولاغ. تم تسريب اكثر من رواية عن الكيفية، التي اكتشفت بها القوات الاميركية معتقل (الجادرية السري) الذي كانت الاجهزة الامنية الحكومية، تمارس فيه ابشع انواع التعذيب، وقد توفي بسببه عدد كبير من المعتقلين، وهذا ما رواه الذين نجوا من الموت نتيجة بشاعة التعذيب، والرواية التي انتشرت تقول، ان القوات الاميركية طاردت صبياً، ودلف صدفة إلى احد ابواب (ملجأ الجادرية)، واكتشفت القوة الاميركية، ان المكان عبارة عن (معتقل سري) وما ان دخل الجنود إلى اقبيته، حتى وجدوا المئات من الرجال وقد تحولوا إلى هياكل شبه بشرية وكانت اصوات الذين يتعرضون الى التعذيب الوحشي، تصل الى اسماع القوة العسكرية الاميركية، التي دخلت (صدفة) الى ذلك المكان، وشاهدوا عدة جثث من حصاد الجلادين في ذلك اليوم، وكانت في طريقها الى المزابل، حيث اعتادت الاجهزة الامنية الحكومية في ظل الغزو الاميركي على رمي الضحايا الذين يموتون على ايدي جلاديهم في الطرقات او المزابل بعد تشويه وجوهم وتثقيب الرؤوس والاطراف بالمثقف الكهربائي(الدريل)، وهذه معروفة عند العراقيين، ويطلقونها على وزير داخلية الجعفري باقر صولاغ، الذي كان يشرف على المعتقلات السرية والعلنية، والذي خرح الى وسائل الإعلام، وقال امام الرأي العام العراقي والعالمي (ان الذين تعرضوا الى التعذيب سبعة اشخاص فقط).
الجرائم في ملجا الجادرية
ومن الواضح ان قصة الكشف عن معتقل (ملجأ الجادرية) التي اهتمت بها وسائل الإعلام في تشرين الثاني 2005، وتابعها الرأي العام باهتمام كبير، تشبه في طريقة إخراجها بعض الافلام الهندية.
نقول ذلك، لان (ملجأ الجادرية) ليس بالمكان المجهول الذي قد يتصور الكثيرون انه مجرد ملجأ يقع في احد احياء العاصمة العراقية، وان احداً لا يعرف الطريق إليه، وفي الواقع، ان (ملجأ الجادرية) عبارة عن طبقتين واحدة عبارة عن مكان للادراة، والطبقة التي تقع تحت الارض مصممة لحماية الناس من القصف، وكانت هذه الملاجئ تستخدم إبان الحرب العراقية الايرانية، وخلال حرب الخليج الثانية عام 1991. والمهم بالنسبة لنا، ان الطبقة الاولى، كانت المقر الرسمي لوزير الداخلية فلاح النقيب عام 2004 في عهد اياد علاوي، وكانت زيارات القوات الاميركية مستمرة وبصورة يومية الى هذا المكان، وعندما تسلم باقر صولاغ وزارة الداخلية في زمن الجعفري 2005، ابقى على الطبقة العليا مقراً له، وأنشأ سجناً للتعذيب في الطبقة الاخرى. ولم ينقطع الاميركيون عن زيارته على الاطلاق، وهم يعرفون جميع التفاصيل وموجودات المكان، وبالمناسبة، فإن قوة فنية متخصصة تفحص جميع الاماكن التي يزورها كبار الضباط الاميركيين، ويشمل ذلك الفحص الالكتروني والتفتيش الذي يشمل كل زاوية بما في ذلك دورات المياه.
ويخرج علينا الأميركيون برواية غريبة عن اكتشاف سجن (ملجأ الجادرية) الذي حولته الحكومة إلى مسلخ بشري اثر مطاردة صبي دلف الى الملجا.
وسنتحدث عن القصة الثالثة (سجن المثنى).
لا تختلف قصة إخراج اكتشاف سجن (مطار المثنى) في نيسان2010، في جميع جوانبها عن القصتين السابقتين، وهما قصة (سجن ابو غريب 2004) و(سجن ملجأ الجادرية 2005)، فالخبر خرج في صحيفة (لوس انجلز تايمز) الاميركية ، والتسريب هذه المرة ، يتوزع بين احدى الوزارات العراقية واطراف حكومية، وما ان احتل الموضوع الواجهة الاولى في وسائل الاعلام العراقية والعالمية ، حتى نسي الناس الكيفية التي تعرفت فيها الصحيفة الاميركية على المعلومة السرية ، ولماذا لم يتم الحديث سابقاً عن هذه القضية، وأقصد بها المعتقلات السرية في العراق.
سجن المثنى بعد الجادرية
قد يتصورالكثيرون أن (سجن المثنى) ينزوي في حي منسي وبعيد في العاصمة العراقية ، كما يتصور الكثيرون حال سجن (ملجأ الجادرية) ، وفي واقع الحال ، فإن هذا السجن يقع في قلب بغداد ، وتوجد قاعدة أميركية هامة جداً في هذا المكان ، وهناك قوة خاصة في مطار المثنى مسؤوليتها مراقبة بغداد الكترونياً ، من خلال منطاد كبير يقف فوق مطار المثنى ، الذي يتواجد فيه (سجن المثنى) وفي هذا المكان بدأت القوات الاميركية أولى عمليات التجنيد حيث انطلق تشكيل الجيش العراقي بعد الغزو بإشراف مباشر من الجيش الاميركي، ويسبب وجود القوة الاميركية المتخصصة بالرصد الالكتروني في مطار المثنى، فإن عمليات تفتيش دورية وشبه يومية، تحصل في جميع المباني والمنشآت الموجودة في مطار المثنى، الذي يقع بجانب الكرخ، ولا يوجد متر مربع واحد لا تعرف القوات الاميركية ماذا يجري فيه.
هذا من جانب، اما الاخر، فإن القوات الاميركية، لا تترك بناية واحدة في بغداد والمحافظات، دون دخولها وتفتيشها بدقة، حتى الوزارات والمؤسسات والجامعات والمعاهد والمستشفيات، فكيف الحال إذا كانت القضية تتعلق بمعتقل يمتد على مساحة واسعة ، تأتي اليه الحافلات وتنقل مئات الرجال ، وهو الذي يقع على بعد عشرات الامتار من (المنطاد) المخصص للرصد الالكتروني وتصوير الصغيرة والكبيرة في بغداد ، يضاف إلى ذلك، ان القوات الاميركية، ترصد جميع المكالمات الهاتفية، وتعرف ماذا يحصل في هذا المكان او ذاك، كما ان لدى الاستخبارات العسكرية الاميركية خرائط بجميع المنشأت الحكومية الرسمية وشبه الرسمية بما في ذلك مقرات الاحزاب وفروعها، مع شرح كامل وتفصيلي للموجودات في هذه الاماكن، وتدقق في تلك المعلومات التي تقدمها الحكومة العراقية من خلال عمليات الدهم المباغت والزيارات الدورية ،فكيف تجهل هذه القوات هذا السجن الذي يلتصق بأهم دائرة تابعة لها.
في واقع الحال، أن الغموض الذي تحدثنا عنه، حول الكشف عن ثلاثة سجون بعد الغزو وحتى الآن، يتعرض فيها العراقيون لأبشع انواع التعذيب والاهانة والاذلال والانتهاك،سرعان ما يزال اذا ما تعرف الجميع على هذه الحقائق التي قد يجهلها الكثيرون.
*ملاحضة: السجون السرية المكتشفة ليست ثلاثة فقط وانما هي بالمئات ولكنها لم تحظى بتغطية اعلامية فبعضها ذكر ليوم واحد وتم تناسيه على سبيل المثال عام 2005 سجني تلعفر وسجن المسبح الذي هو عبارة عن مسلخ بشري بمعنى الكلمة عدا سجون المليشيات في مدينة الثورة -الصدر- والشعلة -شعلة الصدرين- وغيرها الكثير في بغداد والمحافظات وبكل الانواع من انفاق ومطارات وجدور وجملونات ...
وليد الزبيدي/ كاتب عراقي
ثلاث قصص غامضة حول التعذيب 3-3
أقصد بالقصص الغامضة الثلاث، هي الكشف عن التعذيب في سجن ابو غريب في نيسان عام 2004، والاعلان عن معتقل سري في (ملجأ الجادرية) في تشرين الثاني عام 2005، وقصة الكشف عن معتقل (مطار المثنى) في نيسان عام 2010.
عندما نتحدث عن الطرق الغامضة في تسريب المعلومات الاولية عن التعذيب في هذه السجون، فإننا نريد القول، انه من الخطأ أن نعتقد ان هذه الاعلانات قد حصلت بعيداً عن معرفة الادارة الأمريكية، وعندما تكون على هذا الحال، فان اهدافاً اخرى، لابد ان تحاول هذه الادارة تحقيقها.
القصة الأولى
لنبدأ بالقصة الاولى، التي اذهلت العالم، وبدأت شرارة الخبر من خلال ما نشره الصحفي الأمريكي المشهور (سيمور هيرش) في احدى الصحف الأمريكية، وتحدث عن التعذيب في معتقل (ابو غريب) وخرجت للمرة الاولى صور فوتوغرافية، تظهر بعض العراقيين وهم يتعرضون للتعذيب والاهانة والاذلال، مع عدد قليل من الجنود والمجندات الأمريكيات، وهم يمارسون التعذيب بحق العراقيين، وفي الواقع، فإن توضيحاً مقنعاً عن الكيفية التي خرجت فيها تلك الصور والمعلومات، وكيف وصلت الى (سيمور هيرش)، لم تخرج، ومهما قيل عن علاقات هيرش وقدرته في الحصول على المعلومات الخاصة والسرية، فإن هذا الامر يبقى غير مقنع، إن لم يكن خروج الصور او لنقل تسريبها، قد حصل بموافقة ثلاث جهات رئيسية على اقل تقدير، وهي الاستخبارات العسكرية، التي تتواجد في كل فرقة ولواء ووحدة عسكرية أمريكية في العراق، وهناك الوحدة المسؤولة عن الاعلام والحرب النفسية، ومهمة هذه الوحدة التصوير والتوثيق ومتابعة تحركات وفعاليات القوة العسكرية التي يتواجدون معها، ومن مهام هذه المجموعة توجيه الارشادات والتحذيرات للجنود والضباط خشية تسريب اية معلومة أو صورة عن نشاطاتها.
والجهة الثانية هي وكالة المخابرات المركزية، التي تتابع وترصد بصورة مركزية نشاطات وفعاليات وتحركات الوحدات العسكرية بالتنسيق المباشر مع الاستخبارات العسكرية، والجهة الثالثة، هي وزارة الخارجية الأمريكية، التي تعنى بمتابعة الفعاليات الادارية والعسكرية في اطارها العام.
فإذا افترضنا، ان الصور التي نشرها (سيمور هيرش) حول التعذيب في معتقل ابو غريب، تسيء الى سمعة الجيش الأمريكي والولايات المتحدة، كيف سمحت الجهات الثلاث التي ذكرناها بتسريب هذه الصور والمعلومات، ان لم تكن ترمي الى تحقيق هدف او اكثر من هدف في آن واحد، من جراء السماح بوصول تلك الصور الى هذا الصحفي الذي عرفه الرأي العام الأمريكي والعالمي من خلال تغطياته الشهيرة للحرب الأمريكية في فيتنام خلال ستينيات القرن الماضي، حتى هزيمة القوات الأمريكية منتصف سبعينيات القرن العشرين، ومهما قيل حول الموضوع فان التسريبات متعمدة وسنوضح الهدف منها لا حقا كما سنناقش القصتين الغامضتين ايضاَ.
العديد من علامات الاستفهام
إذا كانت قصة الكشف عن التعذيب في سجن (أبو غريب) تحمل العديد من علامات الاستفهام، فإن القصة الثانية، مفضوحة بجميع تفاصيلها، إلا أن الوجع والألم المتراكم على رؤوس العراقيين، لا يمنحهم فرصة للتأمل والتدقيق في الكثير من الوقائع والأحداث، ومن بين تلك القصص، الطريقة التي تم فيها اكتشاف معتقل (ملجأ الجادرية في 2005/11/16عندما كان ابراهيم الجعفري رئيساً للحكومة ووزير داخليته باقر صولاغ. تم تسريب اكثر من رواية عن الكيفية، التي اكتشفت بها القوات الاميركية معتقل (الجادرية السري) الذي كانت الاجهزة الامنية الحكومية، تمارس فيه ابشع انواع التعذيب، وقد توفي بسببه عدد كبير من المعتقلين، وهذا ما رواه الذين نجوا من الموت نتيجة بشاعة التعذيب، والرواية التي انتشرت تقول، ان القوات الاميركية طاردت صبياً، ودلف صدفة إلى احد ابواب (ملجأ الجادرية)، واكتشفت القوة الاميركية، ان المكان عبارة عن (معتقل سري) وما ان دخل الجنود إلى اقبيته، حتى وجدوا المئات من الرجال وقد تحولوا إلى هياكل شبه بشرية وكانت اصوات الذين يتعرضون الى التعذيب الوحشي، تصل الى اسماع القوة العسكرية الاميركية، التي دخلت (صدفة) الى ذلك المكان، وشاهدوا عدة جثث من حصاد الجلادين في ذلك اليوم، وكانت في طريقها الى المزابل، حيث اعتادت الاجهزة الامنية الحكومية في ظل الغزو الاميركي على رمي الضحايا الذين يموتون على ايدي جلاديهم في الطرقات او المزابل بعد تشويه وجوهم وتثقيب الرؤوس والاطراف بالمثقف الكهربائي(الدريل)، وهذه معروفة عند العراقيين، ويطلقونها على وزير داخلية الجعفري باقر صولاغ، الذي كان يشرف على المعتقلات السرية والعلنية، والذي خرح الى وسائل الإعلام، وقال امام الرأي العام العراقي والعالمي (ان الذين تعرضوا الى التعذيب سبعة اشخاص فقط).
الجرائم في ملجا الجادرية
ومن الواضح ان قصة الكشف عن معتقل (ملجأ الجادرية) التي اهتمت بها وسائل الإعلام في تشرين الثاني 2005، وتابعها الرأي العام باهتمام كبير، تشبه في طريقة إخراجها بعض الافلام الهندية.
نقول ذلك، لان (ملجأ الجادرية) ليس بالمكان المجهول الذي قد يتصور الكثيرون انه مجرد ملجأ يقع في احد احياء العاصمة العراقية، وان احداً لا يعرف الطريق إليه، وفي الواقع، ان (ملجأ الجادرية) عبارة عن طبقتين واحدة عبارة عن مكان للادراة، والطبقة التي تقع تحت الارض مصممة لحماية الناس من القصف، وكانت هذه الملاجئ تستخدم إبان الحرب العراقية الايرانية، وخلال حرب الخليج الثانية عام 1991. والمهم بالنسبة لنا، ان الطبقة الاولى، كانت المقر الرسمي لوزير الداخلية فلاح النقيب عام 2004 في عهد اياد علاوي، وكانت زيارات القوات الاميركية مستمرة وبصورة يومية الى هذا المكان، وعندما تسلم باقر صولاغ وزارة الداخلية في زمن الجعفري 2005، ابقى على الطبقة العليا مقراً له، وأنشأ سجناً للتعذيب في الطبقة الاخرى. ولم ينقطع الاميركيون عن زيارته على الاطلاق، وهم يعرفون جميع التفاصيل وموجودات المكان، وبالمناسبة، فإن قوة فنية متخصصة تفحص جميع الاماكن التي يزورها كبار الضباط الاميركيين، ويشمل ذلك الفحص الالكتروني والتفتيش الذي يشمل كل زاوية بما في ذلك دورات المياه.
ويخرج علينا الأميركيون برواية غريبة عن اكتشاف سجن (ملجأ الجادرية) الذي حولته الحكومة إلى مسلخ بشري اثر مطاردة صبي دلف الى الملجا.
وسنتحدث عن القصة الثالثة (سجن المثنى).
لا تختلف قصة إخراج اكتشاف سجن (مطار المثنى) في نيسان2010، في جميع جوانبها عن القصتين السابقتين، وهما قصة (سجن ابو غريب 2004) و(سجن ملجأ الجادرية 2005)، فالخبر خرج في صحيفة (لوس انجلز تايمز) الاميركية ، والتسريب هذه المرة ، يتوزع بين احدى الوزارات العراقية واطراف حكومية، وما ان احتل الموضوع الواجهة الاولى في وسائل الاعلام العراقية والعالمية ، حتى نسي الناس الكيفية التي تعرفت فيها الصحيفة الاميركية على المعلومة السرية ، ولماذا لم يتم الحديث سابقاً عن هذه القضية، وأقصد بها المعتقلات السرية في العراق.
سجن المثنى بعد الجادرية
قد يتصورالكثيرون أن (سجن المثنى) ينزوي في حي منسي وبعيد في العاصمة العراقية ، كما يتصور الكثيرون حال سجن (ملجأ الجادرية) ، وفي واقع الحال ، فإن هذا السجن يقع في قلب بغداد ، وتوجد قاعدة أميركية هامة جداً في هذا المكان ، وهناك قوة خاصة في مطار المثنى مسؤوليتها مراقبة بغداد الكترونياً ، من خلال منطاد كبير يقف فوق مطار المثنى ، الذي يتواجد فيه (سجن المثنى) وفي هذا المكان بدأت القوات الاميركية أولى عمليات التجنيد حيث انطلق تشكيل الجيش العراقي بعد الغزو بإشراف مباشر من الجيش الاميركي، ويسبب وجود القوة الاميركية المتخصصة بالرصد الالكتروني في مطار المثنى، فإن عمليات تفتيش دورية وشبه يومية، تحصل في جميع المباني والمنشآت الموجودة في مطار المثنى، الذي يقع بجانب الكرخ، ولا يوجد متر مربع واحد لا تعرف القوات الاميركية ماذا يجري فيه.
هذا من جانب، اما الاخر، فإن القوات الاميركية، لا تترك بناية واحدة في بغداد والمحافظات، دون دخولها وتفتيشها بدقة، حتى الوزارات والمؤسسات والجامعات والمعاهد والمستشفيات، فكيف الحال إذا كانت القضية تتعلق بمعتقل يمتد على مساحة واسعة ، تأتي اليه الحافلات وتنقل مئات الرجال ، وهو الذي يقع على بعد عشرات الامتار من (المنطاد) المخصص للرصد الالكتروني وتصوير الصغيرة والكبيرة في بغداد ، يضاف إلى ذلك، ان القوات الاميركية، ترصد جميع المكالمات الهاتفية، وتعرف ماذا يحصل في هذا المكان او ذاك، كما ان لدى الاستخبارات العسكرية الاميركية خرائط بجميع المنشأت الحكومية الرسمية وشبه الرسمية بما في ذلك مقرات الاحزاب وفروعها، مع شرح كامل وتفصيلي للموجودات في هذه الاماكن، وتدقق في تلك المعلومات التي تقدمها الحكومة العراقية من خلال عمليات الدهم المباغت والزيارات الدورية ،فكيف تجهل هذه القوات هذا السجن الذي يلتصق بأهم دائرة تابعة لها.
في واقع الحال، أن الغموض الذي تحدثنا عنه، حول الكشف عن ثلاثة سجون بعد الغزو وحتى الآن، يتعرض فيها العراقيون لأبشع انواع التعذيب والاهانة والاذلال والانتهاك،سرعان ما يزال اذا ما تعرف الجميع على هذه الحقائق التي قد يجهلها الكثيرون.
*ملاحضة: السجون السرية المكتشفة ليست ثلاثة فقط وانما هي بالمئات ولكنها لم تحظى بتغطية اعلامية فبعضها ذكر ليوم واحد وتم تناسيه على سبيل المثال عام 2005 سجني تلعفر وسجن المسبح الذي هو عبارة عن مسلخ بشري بمعنى الكلمة عدا سجون المليشيات في مدينة الثورة -الصدر- والشعلة -شعلة الصدرين- وغيرها الكثير في بغداد والمحافظات وبكل الانواع من انفاق ومطارات وجدور وجملونات ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق